أطلق متخصصون في المجالات الدينية والتربوية والنفسية تحذيرات من اقتصار أهداف كثير من الألعاب الإلكترونية على نشر العنف والإرهاب، وتعليم السرقة، وإشاعة الشذوذ. وبينما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة غزو الأسواق السعودية بمجموعة من أحدث إصدارات الألعاب، تكشف ل"الوطن" ترويجها عبر السوق السوداء وشبكة الإنترنت بمبالغ مالية تصل إلى 300 ريال. وقال رئيس حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية الدكتور عبدالمنعم المشوح ل"الوطن" إن ألعاب الفيديو خطر يهدد الشباب، إذ استطاعت "سلخ" الشباب عن دينهم ووطنهم وأسرهم وعواطفهم. تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أخيرا ظاهرة غزو الأسواق السعودية مجموعة من أحدث إصدارات الألعاب الإلكترونية التي تستهدف عقول الأبناء. واعتبر متخصصون أنها تمثل خطرا لا يمكن تداركه، حيث يتم بيعها في الخفاء بالسوق السوداء، وعرضها بمقابل مادي عن طريق شبكة الإنترنت. وأوضحوا أن أشرطة هذه الألعاب التي تعود إلى شركات عالمية كبرى تحتوي على ثلاثة جوانب هي: 1- إيحاءات جنسية 2- إساءات دينية 3- انحراف فكري وذكروا أنها تلقى اهتماما من الفئات العمرية بين سبع سنوات و35 عاما، وتتنوع ما بين الألعاب الرياضية، وألعاب المغامرات، وألعاب الحروب. وكشف المتخصصون أن جهات مجهولة استهدفت فئتي الأطفال والشباب من أجل ثلاثة أهداف هي: 1- نشر الشذوذ الجنسي 2- الإرهاب 3- العنف وأكدوا أن الجهود الأمنية والإعلامية تقوم بدورها في التصدي لهذه الألعاب الإلكترونية. وذكروا أن الألعاب الإلكترونية لا يجوز بيعها إلا بعد التأكد من سلامتها ومنحها علامة تجارية، ومراقبة محتواها إلكترونيا من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارة الإعلام. وذكر المتخصص في التقنية وألعاب الفيديو، مؤسس موقعي "اللعب الحقيقي" و"إلكتروني" محمد البسيمي في اتصال هاتفي ل"الوطن"، أن الألعاب الإلكترونية بدأت في تطور ملحوظ منذ عشر سنوات حتى وصلت إلى مرحلة مشابهة للواقع، وعدم تفرقة الأهل ما إذا كان الذي يشاهده أطفالهم واقعيا أم مجرد لعبة إلكترونية. وأوضح أن هذه الألعاب قد تنشر العنف أو تسهم في الإساءة إلى الإسلام، في حال تم استخدامها ممن هم في سن المراهقة، والذين لا يعون ضوابط تلك الألعاب. وأشار إلى أنها مخصصة لفئة الشباب فقط، والذين يتفهمون أن العنف مجرد لعبة مغامرة، أما ما يتم وضعه من موسيقى وآيات قرآنية فيستطيعون تفاديه وتقديم شكوى للشركات المصنعة لتلك الأشرطة. وأوضح البسيمي أن سبب انتشار تلك الألعاب هو عدم وجود قانون يمنع بيعها للأطفال، مشيرا إلى أن بعضهم يقومون بتحميل الألعاب من الإنترنت عن طريق مواقع أجنبية أو عربية بطريقة غير قانونية. وكشف أن نسبة تداول هذه الألعاب من فئة الشباب ما بين 15 إلى 35 سنة تزيد على 50%، والأغلب يكون عن طريق مواقع أجنبية أو تهريبها من المنافذ وبيعها في السوق السوداء. إيحاءات جنسية إلى ذلك، كشف أحد هواة الألعاب الإلكترونية -تحتفظ "الوطن" باسمه- أن هناك محال وموزعين في السعودية يعتمدون في تجارتهم على بيع هذه الألعاب الممنوعة، حيث تباع خفية بعيدا عن أعين الجهات الرقابية، وتتراوح أسعار هذه الألعاب بين 200 و300 ريال. وذكر أن هناك ألعابا كثيرة تدعو الأطفال إلى سرقة المنازل والأموال والمركبات، وكذلك السطو على البنوك والتفجير والقتل. وأكد أن بعضها لم يخل من إيحاءات جنسية شديدة الإثارة، كما أن هناك ألعابا تبدأ في مراحل عدة، ومن ضمنها الدهس على القرآن الكريم حتى يكمل اللاعب بقية المراحل. إهمال الصلاة في السياق ذاته، أكد أحد الآباء -تحتفظ الصحيفة باسمه- أن ابنه الذي لم يتجاوز التاسعة من العمر أصبح شديد العنف، وتغيرت ألفاظه إلى البذاءة مع زملائه في المدرسة. وذكر أنه لاحظ عنفه مع الجميع، إذ بدا التدهور البدني والصحي عليه، ما أدى إلى ضعف النظر بسبب البلايستيشن. أما ولي أمر طالب آخر فقال: ابني لم يعد يصلي، وأصبح يؤخر الصلاة في أوقات أخرى، وأهمل دراسته، وتارة يرفع صوته على والدته، ويضرب إخوته. وذكر أحد الأشخاص أنه أثناء قيادته مركبته التي كان يرافقه فيها أخوه الصغير الذي يهوى لعبة سرقة الدراجات، شاهد أحد العمالة يستقل دراجة، فقال لأخيه "هيا نقوم بصدمه وأخذ دراجته". تعليم أساليب السرقة والعنف أما الاختصاصي الاجتماعي رئيس الخدمة الاجتماعية بالرياض أحمد السعد فذكر ل"الوطن" أن تأثير الألعاب الإلكترونية على الأطفال والمراهقين بدأ يطفو على السطح، وذلك من خلال تطبيق بعض المواقف الخاصة بالألعاب على أرض الواقع، ما قد يؤدي إلى كوارث ومصائب لا يدرك حجمها الطفل أو المراهق. وأوضح أن أبرز هذه الألعاب التي تنشر العنف والسرقة هي لعبة "حرامي السيارات الشهيرة" التي لها سلسلة كبيرة من الإصدارات، وجمهور كبير إذ لا نجد منزلا يخلو من وجود هذه اللعبة، نظرا لمتعتها وتنوع أفكارها، ولكن تأثيرها على الأطفال والمراهقين سلبي جدا، فهي تدعو إلى السرقة، وأنه بحسب قوتك ومقدرتك المالية سوف تمتلك العالم. وأشار السعد إلى أن تطور اللعبة بدأ يظهر في التخطيط الاستراتيجي المبني على تعاون مجموعة من اللاعبين على سرقة بنك أو متجر، كذلك لبس الأقنعة وإخفاء الشخصيات، كما أن اللعبة تشجع على القتل وسلب أموال الناس ومركباتهم وبعض المواقف الأخرى، وبها بعض المشاهد الجنسية، موضحا أن المختصين في وزارة التجارة منعوا بيع هذا النوع من الأشرطة، إلا أنها ما زالت تباع بالدس والتهريب. الألعاب طريق التطرف إلى ذلك، أكد رئيس حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية الدكتور عبدالمنعم المشوح ل"الوطن" أن ألعاب الفيديو خطر يهدد الشباب، وذلك من آثار الضخ الإرهابي، إذ استطاعت "سلخ" الشباب من دينهم ووطنهم وأسرهم وعواطفهم وتحويلهم إلى "وحوش". وذكر أن ذلك لم يتم مصادفة، لكن بعد مؤثرات استطاعت إسقاط الشاب أو المراهق في الهاوية التي لا حد لها. وذكر أن علينا أن نأخذ الموضوع بكل جدية، وعدم التهاون مع أي مظهر من مظاهر البث الإرهابي وألا نعتمد كثيرا على مبدأ الثقة والاطمئنان الفطري الذي يقول "ابني لا يمكن أن يتطرف أو يتحول إلى إرهابي أو شخصيته غير قابلة للتراجع"، لافتا إلى أن أكثر الأسر فوجئت بأن ابنها انضم للتنظيمات المتطرفة، وكانوا يتوقعون أنه أبعد ما يكون عن الإرهاب. ولفت إلى أنه لا يمكن بقاء الأسرة في دوامة شكوك دائمة، لكن يجب الانتباه والحذر والاقتراب أكثر من أولادهم وبناتهم والاطلاع على ممارساتهم اليومية. وذكر أن الأطفال ما زالوا يقضون أغلب أوقاتهم في المنزل، مما يمكن السيطرة عليهم ومتابعتهم. وأشار إلى أن الأسرة بحاجة إلى تفعيل التواصل الراقي مع الأبناء وذلك ب 1- بذل مساحة حرية ومناشط بريئة 2- عدم تجاهل المهددات 3- الرقابة بعدم المنع تماما 4- التواصل مع المدرسة لاكتشاف أي متغيرات 5- إدماج الأبناء في بيئات "صحية" متوازنة وآمنة مهم، فالطفل والمراهق بطبيعته يميل إلى التواصل مع أقرانه واللعب معهم 6- التحصين هو المحور الأهم في بناء سُوَر ضخم يساعد في دعم العلاقات الأسرية بين الآباء والأبناء، وبين الأب والأم أنفسهما، ما يزيد الاحترام المتبادل، ولا يمكن أن تبنيه في لحظات تراكم لمجموعة أساليب وأفكار وحقائق على مدى الزمن. فحص الأشرطة من جانبه، ذكر مفتش جمركي -تحتفظ الصحيفة باسمه- أنه يتم التدقيق في أشرطة الفيديو الموجودة لدى المسافرين عبر المنافذ عن طريق فحصها في مدة تتراوح بين ثلاث وعشر دقائق، على عدة مراحل وهي: 1- يتم ضبط أجهزة الفيديو 2- تحال إلى مكتب الإعلام لدى الجمرك 3- تسليمهم ورقة إحالة تتضمن معلومات الضبط 4- يتم فحصها وإعادتها مع شرح حالتها وفي حالة إذا كانت ممنوعة تبقى لدى الإعلام وتتسلم الجمارك ورقة بشرح مفصل، أما إذا كانت غير ممنوعة فتعاد إلى الجمارك مع شرح الحالة. وأضاف أنه يتم التعامل مع المضبوطات وفق التالي: 1- الأشرطة الإباحية: غرامة 500 ريال ومصادرة 2- الأشرطة الدينية: لا توجد غرامة ومصادرة 3- في حال ضبط عدد كبير من الأشرطة يحال المسافر إلى الشرطة تربويون يحذرون من خطورتها على النشء بلقرن: سعد آل عمار حذر العديد من التربويين والمختصين من خطورة تداول واستخدام ألعاب إلكترونية تحمل صورا مخلة وغير لائقة للاعبين ورياضيين على الناشئة، مؤكدين أن مثل هذه الألعاب لها أثر سيئ وخطير على سلوكيات النشء. وفي هذا السياق، أوضح المتخصص في علم الاجتماع الجنائي الدكتور إبراهيم عبدالرحمن الطخيس في إحدى دراساته أن نشر مثل هذه المواد الضارة أو عرضها يؤثر على من يشاهدها بدرجات متفاوتة، وقد يزود متابعها بأفكار إجرامية وسلوك جديد، وربما تتضاعف رغبة المتابع لها في أن يحذو حذو هذا السلوك، أو قد يلهب ذلك الغريزة الكامنة فيه. وأشار إلى أن مثل هذه الألعاب تؤثر بدرجة أكبر على الأطفال، لأنهم سريعو التقليد وأقرب إلى المغامرة. وأوضح أن تأثير الأشياء المرئية أكثر من غيرها، فلها أثر على نمط السلوك بشكل أكبر. من جهته، حذر رئيس الوحدة الإرشادية بتعليم بلقرن سعد علي القرني من خطورة هذه الألعاب على الأبناء، مؤكدا على دور ومسؤولية المجتمع بدءا من المؤسسات التربوية والتعليمية وأولياء الأمور وأئمة المساجد والخطباء، داعيا إلى العمل بشكل جماعي على حماية الأبناء من الانحراف والتصدي لمسبباته بشتى صورها، وإيجاد خطط وقائية لحماية أبنائنا من الآثار المدمرة لهذه المقاطع.