العلاقات السعودية الأميركية ليست حديثة عهد، بل هي قديمة ومتجذرة عبر العقود السابقة؛ لذلك رأينا استقبال الرئيس الأميركي باراك أوباما لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مختلفا؛ حيث تم كسر البروتوكول الرئاسي في البيت الأبيض، فقام أوباما باستقبال الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام بوابة الجناح الغربي في البيت الأبيض، وطبيعة الاستقبال هذه تعد نادرة، وهي تعبر عن مكانة الضيف وأهميته، علما بأن البروتوكول يقضي بأن يستقبل الرئيس الأميركي ضيوفه في المكتب البيضاوي. الحقيقة أن تبادل المصالح بين البلدين أسفر عن نتائج إيجابية لصالح المملكة؛ فمنذ البدايات الأولى تم نقل تقنية النفط للمملكة، وفي الوقت ذاته تدرب الشباب السعودي على كل ما يتعلق بصناعة الطاقة؛ بمساعدة الأميركان الذين يملكون المعرفة والتقنية في هذا المجال، فصارت المملكة أهم دولة مصدرة للنفط عالميا، وباتت الخبرات الوطنية لاعبا أساسيا في صناعة النفط ومشتقاته، وقد سارعت كبرى الشركات الأميركية إلى الاستثمار في المملكة العربية السعودية؛ لثقتها بالاقتصاد السعودي، وتوفر بيئة العمل المناسبة، وقبل ذلك الاستقرار والأمن الذي تنعم به بلادنا، وعلى الجانب الآخر نجد أن المملكة تحصل على أحدث الأسلحة الأميركية، مع تقديم الخبرة لأبناء الوطن؛ كي يتمكنوا من استخدام الطائرات والمعدات والآليات الحربية بكفاءة عالية، يحدث هذا ليقين الساسة الأميركان بأن السعودية راعية سلام؛ وأخذت على عاتقها حفظ الأمن والسلم، ولا تستخدم هذه الأسلحة إلا في وجه من يتعدى على أرضها ويستهدف أمنها وأمن مواطنيها. يدرك العالم أجمع أن للمملكة ثقلا سياسيا واقتصاديا لا يمكن تجاهله، يؤازر ذلك مكانة دينية؛ كونها تحتضن الحرمين الشريفين مهوى أفئدة المسلمين قاطبة في شرق العالم وغربه، وهي قائمة على خدمة بيوت الله، وتستقبل ملايين الحجاج والزائرين سنويا، وتحرص على تقديم أفضل الخدمات لهم، ولم تتوان يوما عن تقديم الدعم السياسي والمادي لكل أشقائها العرب، وتستخدم المملكة علاقاتها الدولية لصالح المنطقة العربية واستقرارها، ومواقفها المشرفة تذكر فتشكر عبر الأيام والأعوام، وقلما تجد دولة تجازف بمصالحها الخاصة لأجل مصلحة الأمة العامة، إلا أن السعودية فعلت ذلك مرارا، لقد سجل التاريخ أن الملك فيصل -رحمه الله- قد أوقف تدفق النفط إلى الغرب، وهذه الأيام يسجل التاريخ الحديث موقف السعودية بقيادة الملك سلمان مع شقيقتها اليمن، وبين الحدثين مواقف كثيرة ستظل شاهدا على دور المملكة الريادي في مختلف المجالات.