أعاد انخفاض موجودات مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" بمقدار 9 مليارات ريال خلال شهر يوليو الماضي مقارنة بالشهر الذي سبقه، مسألة تنويع مصادر الدخل إلى الواجهة مجددا وسط مطالبات بتعزيز سياسات التنوع الاقتصادي، وتخفيف الاعتماد على النفط قدر الإمكان، في حين قلل خبراء اقتصاديون من شأن هذا التراجع على اعتبار أنه كان مخطط له في حال احتاجت الدولة لاحتياطاتها المالية لمواجهة أي تحولات اقتصادية، حيث إن فائدة بناء احتياطات مالية على مدى السنوات الماضية تتمثل في الرجوع إليها وقت الحاجة. وبحسب النشرة الشهرية لمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، فقد انخفضت موجوداتها خلال شهر يوليو الماضي، إلى حوالي 2563 مليار ريال، بانخفاض قدره 9 مليارات ريال، وذلك مقارنة بشهر يونيو 2015، فيما تراجعت استثماراتها في الأوراق المالية الخارجية التي تمثل أكثر من 68% من إجمالي موجوداتها، لتصل إلى 1746.6 مليار ريال بنهاية شهر يوليو الماضي، بنسبة انخفاض قدرها 16%. توازن مالي خبير الشؤون المصرفية الإسلامية سمير عابد شيخ طرح في حديثه إلى "الوطن" حزمة مشاريع اقتصادية يمكن إدراجها تحت بند "الإصلاح الاقتصادي"، وهو مضاعفة فرض الرسوم الإضافية على عدد من المشاريع والاستخدامات اليومية خارج دائرة الحاجة، خاصة أن الوقود يعتبر الأقل سعرا من بين دول العالم، داعيا إلى ضرورة وقف الإنفاق الحكومي على بعض المشاريع غير الأساسية، لترشيد عملية الإنفاق، وتعزيز سياسات تنويع مصادر الدخل. أما الخبير الاقتصادي فضل البوعينين فقد اعتبر أن التراجع في موجودات ساما المالية أمر طبيعي في ظل استمرار هبوط أسعار النفط، وفي ظل تبني الحكومة في تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية على أسس توسعية، وهو ما حتم عليها السحب من احتياطاتها المالية، لأن تلك الموجودات الخارجية التي أوجدتها الحكومة هدفها الاستراتيجي يكمن في خلق توازن مالي للمملكة. خيارات متاحة البوعينين ركز في حديثه إلى "الوطن" على عدة نقاط تحليلية، مبينا أن الأمر لا يخرج عن دائرة قيام الحكومة بواجباتها، وذكر أنه كان أمامها خيارين لا ثالث لهما، إما وقف مشاريعها وبالتالي تقلص إنفاقها، وهو ما سيؤدي إلى أزمة في بنيتها التحتية، وإما أن تستفيد من احتياطاتها وتدعم المشاريع التي لا يمكن تأجيلها، معتبرا أن الخيار الذي لجأت إليه هو المناسب، ولا يمكن تنفيذ ذلك إلا بالسحب من احتياطاتها المالية الخارجية التي وجدت من أجل هكذا ظروف. وألمح الاقتصادي البوعينين إلى ضرورة ما أسماه بإعادة النظر نحو تبني استراتيجية التحرر من إيرادات النفط، والتي يقول بشأنها: "يمكن للمملكة أن تتخذ قرارا بتنحية ما يعادل 20% من إيراداتها النفطية السنوية لمدة عشرين عاما تقوم خلالها باستثمار تلك الأموال لضمان الحصول على موارد مالية مستقلة تمكنها من الاستغناء عن نسبة لا يستهان بها من الإيرادات النفطية". وبشأن تحليل الوضع الحالي ذكر أن الحكومة نجحت حاليا في إدارة أزمتها المالية، عبر جدول عدد من المشاريع التي يمكن تأجيلها لصالح الإدارة المالية الحكومية، وقال هناك قطاعات تستطيع المملكة استخدامها لتنويع مصادر دخلها لم تستخدمها بعد، كما انتقد بشكل مباشر خبراء التحليل الاقتصادي الذين يحاولون خلق قلق كبير غير طبيعي على المجتمع، من خلال تراجع الموجودات الخارجية. تنويع اقتصادي وحول تنويع الاقتصاد دعا صندوق النقد الدولي دول الخليج إلى تنويع مصادر دخلها لمواجهة متغيرات الدخل، وخفض الاعتماد على إيرادات النفط، وشدد على أن هدف تقليل الاعتماد على النفط يحتاج منها تغيير هيكل الاقتصاد لتشجيع الأفراد على العمل في القطاع الخاص، وتحفيز الشركات على النظر فيما وراء الأسواق المحلية، للبحث عن فرص جديدة للتصدير. ويعود البوعينين للتأكيد على أنه يمكن من خلال الصناعة والاستثمار تحقيق التوازن المنشود في إيرادات الدولة، وزيادة معدلات النمو وتطوير المجتمع بأكمله، وأمثلة النجاح واضحة للعيان، نجدها في اليابان التي أسست لها قاعدة صناعية غزت من خلالها العالم، وهي الدولة التي تستورد مجمل احتياجاتها النفطية ومكونات صناعاتها الأساسية من الخارج.