قال الكاتب والإعلامي تركي الدخيل: "إن لقمة عيشه ورزق أولاده من التلفزيون، غير أنه لا يشاهده لاحتوائه على كثير من الكذب، ولأنه لا يقدم مادة ثقافية مكتملة، وإنما يقدم فقط التسلية وبعض المشهيات". جاء ذلك خلال حديثه عن مشواره الإعلامي وتجربة "إضاءات" مساء أول من أمس في الصالون الثقافي للسفير السعودي بالقاهرة هشام ناظر. وانتقد الدخيل حالة التردي والتضارب في العالم العربي والتي وصفها ب"الخبصة"، وقال: "إن آفة العالم العربي أن كل صاحب تخصص يريد أن يسطو على تخصص الآخر. فالطبيب يريد أن يقوم بعمل الصحفي، والصحفي يريد أن يقدم وصفة لعلاج الكبد، فلو أن كلا منا التزم بإتقان ما يجيد وما تخصص فيه وابتعد عن التنظير والتقعير لتغير حالنا إلى الأفضل". واسترجع الدخيل حلمه القديم بالعمل في الصحافة في مرحلة الصبا؛ وتردده على مكاتب ومقرات الصحف الصادرة من الرياض للتدرب بها على الرغم من معارضة والدته رحمها الله لأنها كانت ترى أن أهل الصحافة أهل سهر ومجون، مما يؤدي ل"خراب بيت" في النهاية. وتطرق الدخيل لأحلام الشباب ولجيله (جيل السبعينات) الذي تفتحت أعينه على الجهاد في أفغانستان قائلا: "لقد كان الجهاد هنالك حلما حتى إنى قلت لوالدتي لو تفوقت في المرحلة المتوسطة تكون مكافأتي الذهاب للجهاد في أفغانستان". والغريب أنها وافقت ولم تعترض وعلق بقوله: "أحمد الله أنني لم أطالب بتنفيذ الوعد فربما لو نفذته لصرت الآن مساعدا لابن لادن". وطالب الدخيل بضرورة الإلحاح في طرح سؤال مهم عن تلك الحالة دون الاستعجال في الإجابة، وهو: لماذا كانت السعودية هي الحديقة الخلفية لأفغانستان على الرغم من أنها لا تجاورها؟. أما عن تجربة "إضاءات" التي بدأت إذاعيا في عام 2002، ثم تحولت بعد ذلك إلى التلفزيون؛ فيقول: "إنني أعتز أولا بعملي كصحفي ورقي حيث لو لم أكن صحفيا على الورق لما ظهرت في التلفزيون، ومن لا يبدع في الصحافة الورقية لا يبدع في التلفزيون". وأوصى الدخيل الإعلاميين بالثقافة وحسن صياغة الأسئلة. لافتا إلى مقولة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي "إن الأجوبة عمياء، وحدها الأسئلة هي التي ترى". وطالب الدخيل الإعلامين بأن يتحصنوا بالثقافة والمعرفة والإعداد الجيد والفهم والواسع والاطلاع العميق. مشيرا إلى أن الحوار الثنائي مع الضيف لا يجب أن يكون حلبة مصارعة؛ لأن المصارع من الممكن أن يقضى على خصمه بضربة واحدة لكن شهوة الانتقام تدفعه لتوجيه المزيد من اللكمات له لذا فليس لدي هاجس الانتصار على الضيف في برنامجي. وأكد الدخيل أنه ليس مطلوبا من الإعلامي أو المذيع أن يكون حياديا وإنما عليه أن يكون موضوعيا. واصفا الحياد بأنه كذب ومجافاة للحقيقة. مشيرا إلى أنه لا بد من توافر المذيع الجيد والقناة القوية والإعداد الجيد لتقديم برنامج ناجح. ولفت الدخيل إلى أنه ليس بالضرورة أن الحرية تعني المهنية؛ فكم من مساحات واسعة من الحرية ضاعت المهنية في ظلها. مشيرا إلى أن مفهوم السلطة الرابعة في العالم العربي لم يتحقق حتى الآن.