على وقع طبل المزمار، وإيقاع رقص الخبيتي الشعبية، كان الأهالي المجتمعون في أحد مسارات فعاليات النسخة الثانية من "عيدنا كدا"، متجمهرين أمام إحدى المنصات التي هيأت داخل أحد ضواحي المنطقة التاريخية بجدة. الجميع هنا كان مستأنسا بالعروض الشعبية، من خلال رقصات أدتها فرق متخصصة في الألوان التراثية الحجازية، إلا أن اللافت وراء تلك الرقصات، جانب تاريخي مرتبط بعيد الفطر المبارك، تعرف قديما ب"البرزة"، وهي عادة جداوية أو حجازية عتيقة بامتياز. تُعرف "البرزة" بأنه مكان كان يخصصه عمد حارات الشام والمظلوم واليمن والبحر جدة القديمة قبل هدم سورها عام 1947، للالتقاء بسكان حاراتهم لتبادل التهاني بعيد الفطر المبارك، يؤدون معها عددا من الرقصات الشعبية الفلكلورية، إذ كان لا يحلو عيدهم في ذلك دون سماع طبل المزمار وإيقاع الخبيتي. عمدة الشام والمظلوم ملاك باعيسى، الذي تولت أسرته "العمودية" لنحو نصف قرن ذكر ل"الوطن" أن البرزة عادة قديمة كان يحرص عليها عمد حارات المنطقة التاريخية، إلا أنها انقرضت تقريبا، ولم يعد لها مكان في الوقت الراهن، إلا أن فعاليات "عيدنا كدا"، تحاول إعادة إحياء هذه العادة من جديد عبر أنشطتها السنوية المرتبطة بعيد الفطر المبارك. معظم الحضور هم من الجيل الجديد، والعوائل، الذين ربما غابت عنهم بعض الدلالات التاريخية المرتبطة بعادة الجداويين القديمة في استقبال عيد فطرهم المبارك، وحينما استقصت "الوطن" من بعض الزوار، على معرفة البعد الثقافي الترفيهي الذي طربوا معه، كان إجابات كثير منهم تدور حول غياب معلوماتهم عن البرزة، التي كانت لعبت دورا اجتماعيا في أعياد أهالي المنطقة قديما. أما الخبيتي التي كانت الرقصة الرئيسة، فن شعبي قديم تدخل فيه من الإيقاعات الدفوف بصورة رئيسة، مع آلة السمسمية، وأشهر من يؤدي هذا الفن أبناء بدر ورابغ وينبع ووادي الصفراء وغيرهم من أبناء الساحل الغربي. ويلبس راقصو الخبيتي "الحويسي"، وهو ثوب تراثي قديم ومشهور في هذه اللعبة لتمتعه بمزايا في تصميمه تساعد الراقص على الإتيان بحركات دورانية جميلة ومميزة.