يرسم الفنان صديق كشاف نفسه، ويعيد كتابة سيرة حياته من زاوية تجسد عمق تأثير البيئة عليه في أبهى صورها. بيئته "قنا" في عسير، وهي التي أظهرت قدراته الفنية، حيث مراتع الطفولة التي تأبى إلا أن تحضر في تفاصيل لوحاته، ينسجها رسما فتحاكي خلجات أرواح كل من قادتهم أقدامهم هناك، لا يتعلق الأمر بواد مهيب مليء بالخضرة، بل يتعلق بمكنونات النفس البشرية وقدرتها على الانتشاء عند استحضار ذاكرة السنين المحملة بمشاهد من تلك البيئة التي تختصر الحسن كما يجب. في قنا ولد "كشّاف"، وفيها تفجرت طاقاته فرسمت ريشته مشاعر ونقلت وجدانياته بلا تكلف، فكانت لوحاته لسان حال وواقع معاش. يقول كشاف إنه تعلم في "قنا" الدقة التي عدّها شرطا لمتانة العمل، فطوبي لهذه ال"قنا"، التي ما فتئت تشرئب أعناق بنيها نحوها، فيعودون محملين بالحب والتميز والإجادة، ويقول أيضا "أرسم لنفسي واستقرارها.. أرسم بيئتي، وكل ما يثيرني من طبيعتها وتكويناتها، أرسم استكشافاتي في مواقع مواضيعي، ولوحاتي ارسمها في مرسمي الصغير، أما لوحاتي الصغيرة ذات الطابع المائي فأرسمها في أي مكان عندما أجد الوقت والحال مناسبين". وعن الفلسفة التجريدية التي هي حديث وممارسة كثير من الفنانين التشكيليين، قال "إذا كان الرجز حمار الشعراء فالتجريد هذه الأيام حمار الفنانين، بالطبع كلامي ليس لكل تجريد، أتابع التجريد لكنه لا يعطيني ما أريد في أعمالي"، ومع هذه الموهبة الفنية والدقة إلا أن لكشاف هواية التصوير الفوتوجرافي، خصوصا تصوير المايكرو، فالتصوير والرسم متوازيان منذ طفولته، يرى الرسم الهم الأول، والتصوير لمجرد المتعة. يذكر أن كشاف شارك في كثير من المعارض الفنية التشكيلية في المملكة منذ 1414، منها "أبها، الرياض، جدة، محايل، الخبر، وخميس مشيط" ومعظم معارض فناني عسير، كما شكل مع الفنان عبدالله البارقي ثنائيا في المعارض التشكيلية الثنائية، إذ أقاما ستة معارض في الرياض، جدة، تنومة، النماص، المجاردة، ورسم جداريات عدة، اثنتان منها مع الفنان عبدالله البارقي، عضو مؤسس جمعية التشكيليين السعوديين "جسفت".