إن الإسلام دين العقل والفطرة، ويتماشى معهما ولا يمكن أن تجد في الإسلام ما يناقض العقل أو الفطرة المستقيمة. ولما كانت النفوس مجبولة على حب المال كما قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ 0لْمَالَ حُبّاً جَمّاً} وقال: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ 0لْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} كان لا بد لهذه المحبة والشفقة على المال من قوانين تضبط النفس، وتقيد الشح، رتب الإسلام تحصيل المال وتصريفه، وإنفاقه {وَ0لَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }.. فالزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت الحرام) وأما حكم مانعها إنكارا لوجوبها فهو كافر. وإن كان مانعا لها بخلا فليس بكافر، ولكنه معرض لعقوبة الله، قال الله تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ 0لَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ ءَاتَٰهُمُ 0للَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ 0لْقِيَٰمَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ 0لسَّمَٰوَٰتِ وَ0لأَْرْضِ وَ0للَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ الله}: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ 0لَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءَاتَٰهُمُ 0للَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ 0لْقِيَٰمَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ 0لسَّمَٰوَٰتِ وَ0لأَْرْضِ) ومن آثارها المجتمعية ففيها دفع لحاجة الفقراء بلاد المسلمين. ولتقوية الروابط بينهم ورفع من شأنهم، وفيها إزالة للأحقاد والضغائن التي تكون في صدور الفقراء والمعوزين، فإن الفقراء إذا رأوا تمتع الأغنياء بالأموال، وعدم انتفاعهم بشيء منها لا بقليل ولا بكثير، فربما يحملون عداوة وحسدا على الأغنياء، حيث لم يراعوا لهم حقوقا، ولم يدفعوا لهم حاجة، فإذا صرف الأغنياء لهم شيئا من أموالهم على رأس كل حول زالت هذه الأمور، وحصلت المودة والمؤاخاة. وتنمية للأموال لما جاء في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما نقصت صدقة من مال)، بل يخلف الله بدلها ويبارك له في ماله. وفيها توسعة وبسط للأموال، فإن الأموال إذا صرف منها شيء اتسعت دائرتها، وانتفع بها الفقير من الناس، بخلاف ما إذا كانت دولة بين الأغنياء لا يحصل الفقراء على شيء منها. فهذه الفوائد كلها في الزكاة مما يدل على أن الزكاة أمرها ضروري لإصلاح الفرد والمجتمع.