في مصر أم الدنيا لا يشعر السعودي بكثير من الغربة في رمضان، فكل شارع يحكي فرح هذا الشعب بتلك المناسبة، بدءا بالفوانيس التي عادة ما يحرص المصريون على اقتنائها، إضافة إلى عقود المصابيح التي تضيء الشوارع والأزقة ابتهاجا وفرحا بهذا الشهر الفضيل الذي ينتظره الناس بشوق كبير. في هذا البلد العريق خاصة في القاهرة والإسكندرية اللتين لا تعترفان بالتوقيت بحكم الحركة الدائمة فيهما، يعيش كثير من السعوديين حياة استثنائية، وأجواء إيمانية خاصة على الطريقة المصرية، بدءا بمعالم السرور بقدوم الشهر الفضيل التي تتجسد في الحركة، والسهر، والدراما التلفزيونية، فضلا عن الموائد الرمضانية التي يحرص المصريون عليها طمعا في الأجر والمثوبة، والتي تمتد لمساحات واسعة في الطرقات والباحات والأزقة، في سباق محموم بين المقتدرين أو كما يقال باللهجة المصرية "المريشين". ولأن المثل الدارج في مصر هو "البيت بيتك" وهو مثل ينبئ عن كرم وحفاوة المصريين بالضيوف، فإن بعض الأسر السعودية، خاصة المقيمين في المنطقة الغربية يحرصون على قضاء ما أمكن من أيام شهر رمضان المبارك في مصر. كل مكان في تلك البلد يبتهج على طريقته الخاصة بهذا الشهر الفضيل الذي يعد ضيفا استثنائيا تورق له الأفئدة والجوارح، كما في عدد من البلدان الإسلامية. يقول الطالب بالأكاديمية البحرية الخاصة بالإسكندرية فيصل بازيد، "أدرس في مصر منذ ثلاثة سنوات، وأحرص على أن أصوم شهر رمضان في السعودية، غير أن والدي حضر مع الأسرة إلى مصر لقضاء عدة أيام فيها، ما دفعني للبقاء هذا الشهر". ويضيف "ذهلت من الأجواء الرمضانية في مصر، وكيف أن الناس خلال هذه الشهر الفضيل يعبرون عن فرحتهم وسرورهم بطريقتهم العفوية البسيطة التي تدفعهم دائما إلى التسابق إلى الخير والإحسان". وأشار بازيد إلى أنه رغم حالته المالية الجيدة إلا أنه قرر أن يتناول الإفطار هو والده في أول يوم من الشهر في إحدى الموائد الرمضانية الخيرية، مؤكدا أن أصحاب تلك الموائد يتميزون بالكرم والبذل بصورة قد لا تخطر على بال أحد. ويقول خالد الغامدي الذي يناقش حاليا رسالة الماجستير في مصر إن "معالم البهجة التي تعتري المصريين، ونبض الحياة الذي يتجسد في رمضان تجعلان المغترب يشعر أنه بين أهله وذويه، فاللغة والدين والعادات تتقارب كثيرا، وهو ما يقلل من فجوة الغربة"، مشيرا إلى أن كثيرا من الأسر السعودية توجد خلال هذا الشهر الفضيل في القاهرة، وتسعد بحياة دائمة لا تعرف الليل من النهار.