يحمل ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في زيارته اليوم إلى جمهورية روسيا الاتحادية، مهمة تعميق العلاقات بين الرياض وموسكو، والتي سيبلغها استجابة لدعوة قدمتها الحكومة الروسية، وبناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. العلاقات السعودية الروسية التي مرت بالكثير من التحولات التاريخية منذ قيامها قبل أكثر من ثمانية عقود، يعول عليها المراقبون في إحراز الكثير من الاختراقات المهمة في قضايا الإقليم من جهة وفي خدمة مصالح البلدين من جهة أخرى. ومن المقرر، وفقا للبيان الصادر عن الديوان الملكي، أن يلتقي الأمير محمد بن سلمان، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدد من المسؤولين الروس خلال الزيارة المرتقبة، وذلك لبحث العلاقات وأوجه التعاون بين الرياض وموسكو. وطبقا للمعلومات المتوافرة فإن الزيارة ستشهد توقيع الكثير من الاتفاقات في مختلف المجالات. وتحتل كل من السعودية وروسيا مكانة مهمة وبارزة، سواء أكان ذلك على صعيد الحضور السياسي، أو القوة الاقتصادية، فضلا عن المكانة البترولية لكل منهما. العلاقات بين الرياض وموسكو، والتي يرى المتتبعون لها، أنها تمرض ولا تموت، يبدو أنها في طريقها إلى التعافي على نحو كامل، مدفوعة بسقف التوقعات التي تحمله زيارة الأمير محمد بن سلمان إليها اليوم الأربعاء. ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود والمتخصص في العلاقات السعودية الروسية، الدكتور صالح الخثلان، أن فرص الارتقاء بالعلاقات السعودية الروسية في الوقت الحالي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية تعد كبيرة جدا في ظل توافر الإرادة السياسية لكلا البلدين، والتي ترجمتها الزيارات المتبادلة وجاءت على أعلى المستويات. وقال الخثلان في تعليقاته إلى "الوطن"، إنه يتوقع أن تسهم زيارة ولي ولي العهد إلى روسيا، وما سبقها من اتصالات جرت بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس فلاديمير بوتين، في تجاوز المرحلة السابقة التي لم تخل من التباينات في وجهات النظر إزاء بعض الملفات السياسية وغيرها. ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن فرص ترقية العلاقات السعودية الروسية، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية واستئنافها بشكل أقوى قائمة، مبينا أن هناك مصلحة مشتركة بحكم الإمكانات التي يتمتع بها كلا الطرفين فضلا عن احتياج كل منهما إلى الآخر. ولخص الدكتور صالح الخثلان، فرص نجاح ترقية العلاقات والدفع بتعزيزها بضرورة أن يكون هناك حوار متواصل بين العاصمتين وألا يكون ذلك منحصرا في وقت الأزمات فقط، وذلك لمنع أي سوء فهم للمواقف، إضافة لتفعيل الاتفاقات الموقعة بين الجانبين التي تصطدم بحاجز التباطؤ وخصوصا في الاتفاقات الاقتصادية والمالية، والعمل على إزالة اللبس والقراءة الروسية غير الدقيقة لدى بعض النخب في بعض المواقف السياسية للسعودية. وحث الخثلان الجانبين السعودي والروسي للعمل سوية على إزالة بعض العوائق التي تعترض تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين البلدين في جانبها الاقتصادي، داعيا الروس تحديدا لتسهيل الإجراءات المتعلقة بالتأشيرات والضمانات المالية الخاصة بالمستثمرين السعوديين، فيما لم يلغ احتمالية أن يذهب الطرفان باتجاه توقيع اتفاق عسكري خاص بالأسلحة. وخلص الدكتور إلى قناعته بأنه متى ما تمكن السعوديون والروس من تجاوز التباينات السابقة في بعض القضايا الإقليمية والقبول بمساحة من الاختلاف، إضافة إلى رفع كفاءة الأجهزة الحكومية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من مذكرات واتفاقات تفاهم، فإن علاقات الرياض وموسكو ستنتقل تلقائيا إلى مستوى الشراكة، مع التأكيد على ضرورة حماية تلك العلاقات من أية تأثيرات سلبية للمواقف المتباينة بين الطرفين تجاه قضايا المنطقة والعمل سوية على تجاوزها.