عشية زيارته إلى جدة ولقائه المسؤولين السعوديين، نفى رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام كل ما يثار حول وجود قرار لتجميد الهبة السعودية التي رصدتها الرياض للجيش اللبناني. وقال سلام في حوار أجرته معه "الوطن" من مقر السراي الحكومي، إن الهبة قائمة ولم تقدم لإضعاف لبنان بل لتقويته وتعزيزه، مشيرا إلى أن الدفعات المتبقية منها قائمة ومجدولة على خمس سنوات، ومخصصة للإنفاق على حاجة الجيش اللبناني. وعلق سلام على قرار المملكة بمعاقبة اثنين من كبار قيادات حزب الله، بالقول "أي لبناني أو أي شخص ترى المملكة أنه يهدد أمنها فمن حقها أن تتخذ تجاهه الإجراءات المناسبة". بدوره، أكد السفير السعودي لدى لبنان علي عواض عسيري في حديث إلى "الوطن"، أن زيارة سلام إلى المملكة تكتسب أهمية كبرى، كونها تأتي وسط ظروف ومستجدات صعبة تشهدها دول المنطقة من بينها لبنان. أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، أن زيارته للمملكة العربية السعودية، اليوم، تأتي في إطار "تثمين العلاقات، وتقديم الشكر للمملكة على رعاية لبنان ومساعدته، مشيرا إلى أن الهبة السعودية للجيش اللبناني تأتي في إطار الرغبة في تقوية وتعزيز لبنان، وبالتالي فإن كل الإجراءات المطلوبة لتحقيق هذه الهبة قائمة ومستمرة". وأوضح في تصريحات إلى "الوطن"، أن الرياض كانت على الدوام سباقة في دعم لبنان ومؤازرته بشتى الوسائل". واستنكر في لهجة حازمة واضحة ما تتعرض له المملكة من إرهاب، يستهدف حدوث فتنة، مشيراً إلى أنه على يقين تام أن الشعب السعودي أكثر وعيا من أن يمرر مثل هذه المخططات. وتابع بقوله "على الدوام كانت المملكة ملاذا لكل المضطهدين والمظلومين، وراعية للحلول والمخارج والمؤتمرات التي تعزز الأمن والاستقرار لدول المنطقة". وفي ما يلي نص الحوار: زيارتكم للمملكة هي الأولى بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مقاليد الحكم، ما الرسالة التي تحملونها للمملكة، قيادة وشعبا؟ هي الرسالة نفسها التي حملناها دوما، رسالة محبة، وثقة، وتوطيد علاقات، وتبادل الأفكار والآراء، رسالة أخوة عربية تحتم علينا التواصل والوقوف في موقف موحد، سعينا إليه دائما، وتم تجسيده من خلال الكثير من المناسبات، كان آخرها في القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ، وبالتالي نتطلع دائما إلى التواصل مع القيادة السعودية، من جهة لتثمين العلاقة وشكر القيادة على رعاية لبنان واحتضانه التاريخي، والذي لم تمر مناسبة وشعر فيها لبنان أنه في وضع حرج وصعب إلا وكانت المملكة سباقة في دعمه ومؤازرته، بشتى الوسائل، وآخرها الدعم غير المسبوق للبنان في موضوع استقراره ومؤسساته الأمنية من قيادة جيش، وقوى أمن داخلي، وغيرها". بعض الأصوات المغرضة تزعم تجميد الهبة، واختصارها على الدفعة الأولى التي قدمت، بماذا تردون على هؤلاء؟ هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تداول الكثير من المعلومات حول هذه الهبة، فمنذ يوم إعلانها وبداية التنفيذ لغاية يومنا هذا لم تتوقف الأقاويل. هناك الكثير من الشائعات والمعلومات التي نسمعها من هنا وهناك، نظرا إلى حجم وقيمة هذه الهبة وهذا الدعم، فليس مستغربا أن نسمع بعض التساؤلات أو التشكيك، لكن الهبة قائمة ولم تعط لإضعاف لبنان، بل لتقويته وتعزيزه، وبالتالي كل الإجراءات المطلوبة لتحقيق هذه الهبة قائمة ومستمرة. والدفعات المتبقية قادمة ويجب أن يعلم الجميع أن فترة تنفيذ هذه الهبة خمس سنوات وتمتد على مرحلة طويلة من الاتفاق على حاجات الجيش اللبناني". تعرضت المملكة أخيرا إلى حملات افتراء من حزب الله، حتى بدا الأمر وكأن هذا الحزب وبطلب من إيران يريد إصابة العلاقات اللبنانية السعودية بأضرار بليغة، هل تعتقد أنه نجح في ذلك أم العكس؟ زيارتنا للمملكة هي خير دليل على حرصنا على هذه العلاقة وتمتينها وتقويتها، ولا فائدة لأحد في إضعاف العلاقات بين لبنان وأي دولة وذلك لا يجني إلا الضرر، فكيف مع المملكة العربية السعودية التي تتمتع بالدور الكبير التاريخي والعملي في دعم لبنان واللبنانيين. وسنؤكد على علاقتنا المتينة مع المملكة". عطفا على ترحيل بعض الدول الخليجية لعدد من اللبنانيين بسبب ارتباطهم بحزب الله، ماذا ستتمنون على المملكة؟ وهل هذه الزيارة ستتبعها زيارات إلى دول خليجية أخرى؟ هذا الموضوع ليس وليد الساعة، بل حصل منذ سنوات لدواع أمنية في تلك الدول، ولسنا في موقف يسمح لنا بمساءلتها عن معاييرها الأمنية، لكننا نتابع ونحرص على أن نساعد اللبنانيين أينما كانوا، ولم نقصر في التواصل مع تلك الدول في هذا الشأن، وتمكنا في حالات عديدة من الحد من بعض الإجراءات واستيعاب إجراءات أخرى، وأرجو عدم إعطاء الموضوع أكبر من حجمه. ففي المملكة هناك 300 ألف لبناني يعملون، ولهم مكانتهم واحترامهم، فلا يجب أن نقيس الموضوع بمقياس ضيق. هل ستتطرق مباحثاتك في المملكة لموضوع النازحين السوريين؟ هذا الموضوع نتحدث فيه في كل مكان ومناسبة وفي كل الدول، لأن له بعد إنساني، ويحتاج مساندة ودعما، ونطرحه في كل المحافل والأماكن، ومن البديهي أن يتم طرحه في المملكة، ومع كل من يتحدث معنا في شأن لبنان. وسيتم التطرق أيضا للقضايا الإنمائية. وهناك تواصل دائم مع المملكة لدعم هذه القضايا. فدعم المملكة متواصل ويشمل مجالات كثيرة. هل سيكون لمناقشة الإرهاب حيز خلال زيارتكم للمملكة؟ الإرهاب أصبح موضوعا يفرض نفسه في كل مجال، ومكان، ولقاء، ومن البديهي أن يكون من ضمن مباحثاتنا. والهبة السعودية لدعم الأمن في لبنان هي لمواجهة هذه الحالات ومكافحة الإرهاب، والمساعدة على تعزيز وتقوية مؤسساتنا الأمنية. والمملكة عرفت على الدوام بسياساتها الرشيدة القائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ولطالما كانت ملاذا لكل المضطهدين والمظلومين وراعية للحلول والمخارج والمؤتمرات التي تعزز الأمن والاستقرار. والمملكة تعرضت لمحاولات إرهابية، تصدت لها أجهزتها الأمنية والسياسية بكثير من الكفاءة والقدرة، حيث جسدت وحدة وطنية مميزة، خصوصا أن ما تم أخيرا من هجمات استهدف بعدا مذهبيا وطائفيا، يراد منه اختراق هذه الوحدة الوطنية. وجاءت ردود الفعل بشكل متقدم على مستوى المسؤولين وأفراد الشعب في عدم إفساح المجال لهذه المحاولات". هل ترى في الأفق إمكانية فعلية في هذا الصيف لرؤية حركة سياحية خليجية تجاه لبنان، أم أن الأوضاع السياسية المتفجرة والمخاطر الأمنية تمنعان ذلك؟ على الرغم من الظروف الأمنية التي مر بها لبنان، نجد أن المواطنين الخليجيين يتوافدون إلى لبنان برغم التحذيرات من بلدانهم. ما الرسالة التي ستوجهها إلى الجالية اللبنانية في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة؟ سنسعى إلى اللقاء بها والتواصل معها، وستكون لي إطلالة على بعض أفرادها والتحدث معهم حول أوضاعنا الراهنة. ومن أبرز الجوانب التي سنتحدث فيها هو ما يحيط بدور اللبنانيين الفاعل والإيجابي في المملكة، والتزامهم بكل مسؤولياتهم القانونية والنظامية. في أي إطار تضع إعلان المملكة وضع القياديين في حزب الله، خليل يوسف، ومحمد قبلان، على لائحة الإرهاب بعد تورطهما في قضايا إرهابية في الدول العربية؟ هذا شأن يعود إلى السعودية، وما تراه فيما يخص أمنها واستقرارها ومصلحتها، وليس لي أن أقرر في هذا الموضوع، وبالتالي أي لبناني أو أي شخص ترى المملكة أنه يهدد أمنها من حقها أن تأخذ تجاهه الإجراءات المناسبة.