خمسة وأربعون عاما جعلت من العم إبراهيم بن ناصر العنبر (60 عاما) أحد أهم رموز الطبخ الشعبي في مدينة الرياض، حتى بات يطلب بالاسم لإعداد الولائم لشخصيات هامة، وهو ما جعله فخورا لاختياره هذه المهنة، ولو عاد به الزمن لاختارها مرارا وتكرارا كما أكد ل"الوطن". وعاد "العنبر" بذكرياته لأربعة عقود مضت يتذكر من خلالها الرياض قديما، ويقول: "لم يكن هناك سوى خمسة مطابخ شهيرة في شارع الثميري، وأصحابها هم عبدالله العقرا، وابن قريان، وحمد بن سبيت، وحمد بن سعد، وكلهم انتقلوا إلى رحمة الله". وأضاف العنبر: "كانت المنافسة بين الطباخين شريفة، بل كنا ننقذ بعضنا البعض في أوقات الأزمات متناسين المنافسة"، ويتذكر بأسى أيام كان الزواج في الماضي يساعد في إتمامه كل الجيران، وبهذا تقل التكلفة على العريس وأهله. ويفخر العنبر بأن هذه المهنة أعطت له الكثير خلال سنوات عمله بها. ويؤكد أن المجتمع لا يرفض الرجل الذي يعمل بهذه المهنة، قائلا: إن "الرجال في الماضي كانوا هم المكلفين بإعداد الذبائح في الولائم الكبرى، ولم يكن ذلك دور النساء أبدا". للعنبر ثلاثة أبناء لم يتجهوا نحو مهنة والدهم، ولكنهم وقت الأزمات يقومون بالمساعدة، كما يحدث سنويا في مهرجان الجنادرية، والذي يكون له معزة خاصة في قلبه، خصوصا أنه عمل في إعداد الطعام لضيوف المهرجان منذ انطلاقته قبل خمسة وعشرين عاما. ويحرص العنبر على النظافة في إعداد الطعام، فنجده يؤكد على أهمية عدم لمس الطعام باليد لأي سبب، لأن ذلك يتسبب في فساده، كما أن العاملين تحت يده يتوخون الحذر، ويراعون أساليب السلامة داخل المطبخ. ولم تقف براعة العنبر في إعداد الأطعمة السعودية المشهورة، بل أصبح يستعين بطباخين من جنسيات مختلفة ليقدم وجبات ترضي أذواق الزبائن، خصوصا من يقدم من مناطق معينة تشتهر بأكلات شعبية. ويؤكد أن ما يقدمه ينافس المطاعم العالمية. وحول تجربة الجنادرية يقول العنبر: "من أكثر ما أفخر به عملي في الجنادرية، حيث أقدم لضيوف خادم الحرمين وجبات شعبية من التراث السعودي، كما أني مسؤول عن إعاشة قرابة الألفي شخص من العاملين والعاملات في المهرجان لمدة شهر، حيث تقدم لهم ثلاث وجبات يوميا. وأضاف: "أبدأ بالتحضير لهذه المناسبة منذ وقت مبكر بإعداد مكان الطبخ، وتوفير المواد الغذائية بكميات كبيرة، حيث يذبح يوميا قرابة 12 رأس غنم قبل الفعاليات فقط للموظفين والجنود، ويرتفع العدد يوم الحفل، حيث يذبح قرابة 400 رأس، هذا خلاف أكياس الأرز وأطنان الخضار وغيرها، ويعمل تحت يدي 18 طباخا منهم عشرة من السعوديين ذوي الخبرة". وأشار العنبر إلى أنه في الجنادرية خصص مساحات واسعة لتخزين أكياس الأرز وبقية الاحتياجات، كما أنه جهز مطبخا متكاملا من مقاسات متنوعة للقدور، والتي يعد أكبرها هي المستخدمة في يوم الافتتاح، بحيث يطبخ بداخلها قرابة الخمسين ذبيحة، وثلاثة حواشي "إبل"، وهي قدور أصلية يستوردها من الهند، وحتى إذا حدث ثقب في إحداها يضطر لشحنها للهند ليتم إصلاحها هناك، لأن هذه القدور من نوع خاص. وأضاف العنبر أنه يعد مسلخا لذبح الأغنام يتسع لمئة خروف يتم ذبحها في نصف ساعة. كما أشار كذلك إلى وجود المغاسل ومخزن الأدوات وغرفة المواقد التي لا تنطفئ نارها أبدا.