بقلوب مستبشرة راضية بقضاء ربها، تلقت أسرة العامري التي تعود أصولها من قرية الحضن بمحافظة بيش، نبأ استشهاد ابنهم الجندي أول باللواء التاسع عشر في القوات البرية المسلحة إبراهيم محمد رازم العامري "23عاما"، وهو يذود عن تراب وطنه بعاكفة في منطقة نجران. ويقول ربيع شقيقه الكبير الذي يعمل جنديا في الشرطة العسكرية بالدمام إنه تلقى اتصالا من زميله إبراهيم خثامي عند الثامنة والنصف من مساء أول من أمس، بعد وفاته في مستشفى ظهران الجنوب، لتبليغه، بعد نقله إليه، عقب إطلاق النار عليه من متسللين. ويضيف ربيع: "والدي تجاوز ال100 عام وهو في حالة أشبه بفقدان وعي منذ سنوات عدة، بينما والدتي كانت ولله الحمد مستبشرة بأن يقبله عند الله شهيدا، ما خفف من وطأة النبأ". ويسترجع الشقيق الأكبر للشهيد آخر أيامه، قائلا: "اتصل علي وعلى والدتي بعد صلاة الجمعة، وكان يشرح لنا جهودهم في التصدي للقناصة، وحماية الوطن من كل المجموعات التي تحاول إلحاق أي خسائر بجنود الوطن لتحقيق انتصارات معنوية لجماعتهم، وحينها ذكرناه بعظم المهمة التي يقوم بها والاعتماد على الله وأداء الصلاة، وكان رده ألا توصي حريصا". ولم يخف ربيع أن شقيقه كان سعيدا في آخر اتصال، وكانت وصيته التي كتبها ألا تعلم والدته كي لا تحزن عليه، غير أنها فرحت بحسن خاتمته، مبينا أنه وأخويه عبدالله وحسين على أهبة الاستعداد لحماية الوطن. يذكر أن تشييع الشهيد بقرية الحضن شهد توافدا كبيرا من محافظ بيش وأبناء المحافظة والمنطقة، تجسيدا لتلاحم الجميع خلف قيادتهم ووطنهم، وسيطر الحزن على بعض زملائه الذين شاركوا في تشييعه. وكانت محافظة بيش شيعت أمس شهيد الواجب الجندي إبراهيم محمد رازم عامري الذي استشهد أثناء أداء مهام عمله على الشريط الحدودي بمنطقة نجران في مركز عاكفة. وأدى الصلاة على الشهيد محافظ بيش خالد القصيبي وشيخ شمل بيش الشيخ جابر عكفي وزملاء الشهيد، كما حضر مراسم الدفن عدد كبير من المواطنين، ودفن الشهيد في قرية غريف الحضن. وحضر العزاء عدد من ضباط وأفراد القوات المسلحة، وقال الملازم أول عبدالعزيز العتيبي إن الشهيد كان مثالا للرجل الخلوق والمقاتل الشجاع، لم يتردد يوما في الاستجابة لنداء الواجب في أرض الميدان وكل من حضر من زملائه يتمنون أن يكونوا هم من نالوا هذا الفضل العظيم. كما عبر عدد من أفراد القوات المسلحة الحاضرين عن عمق إخلاص إبراهيم في العمل وحسن خلقه مع زملائه، وأنه كان مبادرا للتقدم إلى الصفوف الأمامية لدحر العدو والذود عن الوطن وأن رصاصة الغدر التي أصابته رفعت مقامه الرفيع ليكتمل بالشهادة، وهذا زاد من حماسهم للعودة إلى ميدان الحرب الذي لم يجبرهم على الخروج منه إلا تشييع شهيد الواجب. من جانبه، قال محافظ بيش إن بيش وقراها زفت شهيدا من شهداء الوطن وهو ما تفخر به المحافظة وشبابها مقدما تعازيه لذوي الشهيد. ومن المشاهد التي رصدتها "الوطن" أن المقيم اليمني موسى محمد عندما علم استشهاد ابن قريتهم إبراهيم عامري بادر بحفر القبر وتجهيزه لاستقبال الشهيد، وقال ل"الوطن": إبراهيم كان شابا خلوقا يحب الجميع ويحسن إليهم وعند سماع خبر استشهاده بادرت مع مجموعة من أبناء القرية لحفر القبر وبقيت لتهيئته واستقبال الشهيد الذي ألّم الجميع فراقه".