تتجه الأنظار مساء اليوم نحو المنطقة الشرقية، حيث يطلق فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام "مهرجان بيت الشعر الأول.. دورة محمد العلي"، في تظاهرة ثقافية وصفت بأنها اكبر تجمع لقصيدة النثر في تاريخ الشعر السعودي. وهو التوصيف الذي لم ينفه أو يؤكده مدير فرع جمعية الدمام الشاعر والكاتب أحمد الملا، الذي قال ل"الوطن": لم يسع المهرجان إلى أن يتسم بأي صفة تضعه تحت مظلة التصنيف.. هو مهرجان يبحث عن الضوء.. يكرم رمزا ثقافيا وفكريا، ويسعى لأن يكون تقليدا حميدا للدورات القادمة، كما أن إدارة المهرجان تعي أن بلادنا زاخرة بالشعر والشعراء ولن يحتويهم معا مهرجان واحد.. لهذا تكون دورات المهرجانات متوالية ليحظى المهرجان بدعوة مختلف التجارب الشعرية إلى جانب تجارب مشابهة من مختلف الوطن العربي. ويشارك في المهرجان عدد من الشعراء العرب إلى جانب شعراء سعوديين وهنا يقول الملا: سعينا نحو دعوة تجارب شعرية سعودية وعربية يربطها مناخ ومزاج لتتم الاستفادة من التلاقي والحوار بقدر أكثر.. بالطبع ستكون في الدورات القادمة مناخات أخرى، ورؤى تتجدد وأسماء مغايرة، نتمنى أن نجمعها معا. إدارة المهرجان كم كان يسعدها أن تجمع الشعراء من كل أرجاء الوطن والعالم العربي بل والعالم كله في الدمام، ولكن الكل يعلم بأن المهرجانات لا يمكن أن تحتوي على كل المنتمين إلى حقلها في دورة واحدة. في مناسبة شبيهة العام الماضي تم دعوة عدد من الشعراء في أربع ليال شعرية.. وكانت من مناخات متعددة وهذا العام اتخذنا هذا الاتجاه لربما نحقق قيمة أعلى... وهي تجربة قابلة للتمحيص بعد نهايتها. أجزم أن كل من لديه هذا التساؤل أو طرحه إنما ينطلق من محبة ورؤية تصب في مصلحة المهرجان وتطويره. وهو ما نأخذه بتفهم عال وقيمة نحرص عليها. وتابع الملا: يقدم مهرجان بيت الشعر الأول، الذي يأتي برعاية وكالة الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام تسجيلا للحاضر وللتاريخ من خلال تكريمه للشاعر محمد العلي، لافتا المتابعين إلى تاريخ تأسيس وتأصيل ورعاية العلي للحداثة حتى يومنا الحاضر، بدءا بالمرحلة التي وقفت هذه القامة الثقافية راعية وحامية للحداثة لزحزحة الساكن، وإيقاظ الغفلة. وكانت جمعية الثقافة والفنون أعلنت "التقشف" في نشاطاتها منذ حوالي سنتين، ما أثر في نشاطات معظم الأفرع، غير أن فرع الجمعية بالدمام ظل يقدم نشاطا نوعيا حاز إعجاب وتقدير المهد الثقافي من جهة، وأثار من جعة أخرى تساؤلات عن كيفية تغلب فرع الدمام على سياسة التقشف التي اتبعتها الجمعية. أحمد الملا أجاب عن هذه التساؤلات بقوله ل"الوطن": في جمعية الثقافة والفنون بالدمام لسنا جالسين على نهر والبقية في صحراء.. بل ذهبنا نبحث وننقب في هذه الصحراء عن الماء.. وأحيانا نجده وكثيرا نعود عطشى ليس معنا إلا إصرارنا على الأمل.. معي فريق عمل يعد ويخطط وينفذ بجودة عالية.. ربما هذا ما يشفع لنا بالوصل إلى مبتغانا. أهم كتاب الشعر في اللحظة الراهنة من جانبه، ناقش الشاعر والناقد محمد الحرز في صفحته بالفيسبوك توصيف المهرجان بالنثرية قائلا: نعم هو مهرجان قصيدة النثر وهذا هو وجه الاستغراب، لأن من الصعوبة بمكان في تفكير البعض أن يتفرد كتاب قصيدة النثر بالمنصة الشعرية. جرت العادة أن تكون قصيدة النثر في أغلب الأمسيات والمهرجانات مجرد تكملة عدد. ناهيك عن الشروط التي توضع في المسابقات الشعرية التي تأتي على رأسها: لا نقبل المشاركة بقصيدة نثرية. جميع مؤسساتنا الأدبية الرسمية والأهلية لا تعد من يكتبونها شعراء وإن قبلوا بها في بعض الأحيان يكون ذلك على مضض وعن عدم قناعة لا أقل ولا أكثر. وتابع الحرز "من السخف أن أجادل في هذا الموضوع الذي تم تجاوزه منذ زمن، ولا أحد يطرحه كأزمة تتعلق بالشعر. لننظر من حولنا -عربيا على الأقل- ماذا نرى؟ أهم كتاب الشعر في اللحظة الراهنة أغلبهم كتاب قصيدة النثر. وليس معنى ذلك إلغاء بقية الأشكال الأخرى. لكن الاستجا بة عند الجيل الحالي لكتابة قصيدة النثر هي الأقوى والأسرع. عندما شرع الأصدقاء في بيت الشعر في جمعية الثقافة والفنون وعلى رأسهم المبدع وصاحب المبادرات الاستثنائية أحمد الملا والشاعر زكي الصدير في إقامة المهرجان الشعري الأول باسم محمد العلي فهم يدركون تلك الحقيقة هذا أولا، أما ثانيا فكلامي موجه إلى الذين يجدون تناقضا بين موقف محمد العلي السلبي كما يقولون من قصيدة النثر من جهة وإقامة مهرجان باسمه يحتفى فيها بالقصيدة ذاتها. سأتجاوز الجدل حول موقف العلي من قصيدة النثر وأفترض فيما يقولونه صحيحا (وإن كان الجميع يدرك عكس ذلك)، فتكريم العلي لم يأت وفق مواقفه وقناعاته الأدبية والفكرية، كما يريد أن يوحي بذلك البعض، تكريمه هو تكريم للريادة والإنجاز ومسيرة الإبداع التي أثرت في المشهد من العمق". إلى ذلك يفتتح الشاعر محمد العلي المعرض التشكيلي "شكل" في تمام الساعة 6.30م، الذي يشارك فيه نخبة من فناني المنطقة الشرقية "عبدالله الشيخ، وعبدالرحمن السليمان وكمال المعلم وعلي الصفار، وعبدالعظيم شيلي، ومنير الحجي، وعبدالله المرزوق، وميرزا الصالح، وزمان جاسم، وعبدالمجيد الجاروف، وحميدة السنان، وغادة الحسن، وقصي العوامي وبدرية الناصر". ويسعى المعرض إلى دمج تجليات الكلمة بجمال اللون، لأن كل فن هو نتاج قريحة الخيال والحلم الذي يمتد إلى أعماق الذاكرة. تكريم وسيكرم المهرجان الشاعر العلي في الساعة الثامنة مساء، ويعرض الفيلم التسجيلي عن حياته وذكرياته، وأبرز محطات تجربته الشعرية، كما سيقرأ الشعراء "محمد الماجد، محمد الدميني، جاسم عساكر، محمد الحرز، زكي الصدير، أحمد الملا، أحمد القطان، محمد خضر"، نصوصا للعلي. يستمر المهرجان أربعة أيام تتضمن أمسيات شعرية وعرض أربعة أفلام سعودية شاركت في مهرجان أفلام السعودية، وعرض لمسرحية بارانويا من إنتاج أستديو الممثل بالجمعية وإخراج ياسر الحسن وتمثيل محمود الشرقاوي وتأليف عباس الحايك ومسرحية نوستالجيا من إخراج سلطان الغامدي وتأليف صالح زمانان وتمثيل إبراهيم الحساوي.