انفرد ثلاثة شعراء شباب بخشبة مسرح جمعية الثقافة والفنون في الدمام، مساء أمس الأول، وعلى غير العادة في خلق التوازن بين شعراء كبار «معتقين» وآخرين بدأوا توا في دخول معترك الشعر، لم يزاحم الشعراء أحمد القطان وعبدالله المحسن ومهدي المطوع أي شاعر من الجيل القديم، فيما عدا مقدم الأمسية الشاعر زكي الصدير، الذي مارس دور الربط بين فقرات الشعراء معرفاً بهم، ومستشهداً بأقوال لهم، دون تنظير لأباطرة الشعر ونقاده في مفارقة تأسس انعطافة في شعر النثر الشبابي. ونظم المنتدى الثقافي في الجمعية، الأمسية الشعرية، التي خلت من طاولة وكراسي تحتضن الشعراء، واستبدل المنظمون نمط إلقاء الشعر المتعارف عليه بمشهد أقرب إلى المسرح منه إلى الشعر، وتوزعت لوحات تشكيلية خشبة المسرح، احتوت على نوافذ تطل على الجمهور، وبدأ مقدم الأمسية الصدير إطلالته من نافذة توسطت لوحة تشكيلية، وتوالى الشعراء إلقاء قصائدهم، مطلين على الجمهور من خلال النافذة، فيما كانت الجولة الثانية بعيدة عن النوافذ وقريبة من الجمهور أكثر، مستغلين مساحة واسعة يجولون فيها أثناء قراءة قصائدهم. وتخلل الأمسية عزف على العود قدمه الموسيقار سلمان جهام. وكادت الأمسية أن تنتهي بشبابها وقصائدهم، إلا أن فقرة التكريم كسرت هذا التوجه، حيث كرّم شعراء كبار المشاركين في الأمسية، وقدم الشاعر عبدالله السفر درعاً إلى القطان، فيما قدم عبدالوهاب أبو زيد درعاً إلى المحسن، وأخيراً قدم محمد خضر درعاً إلى المطوع. وحملت قصائد الثلاثي تمرداً خفياً على عدة مستويات، ويدلل على ذلك بوضوح ما استشهد به مقدم الأمسية الصدير من مقولات للشعراء الثلاثة، وقال الصدير في وصفهم لهم: «جيل شعري جديد، لا يفطن للذاكرة المعلبة في روايات الشيوخ طريقة الشعر إلا على أساس كونها وصلة من سلسلة مفاهيم، يمكن النظر إليها باعتبارها إرثاً ثقيلاً عليه، أو باعتبارها فعلاً ماضوياً راديكالياً، ربما يكون له استحقاقاته وربما هو مجرد «صنمية ثقافية» يجب تحطيمها والقفز عليها والتباهي بخذلانها». وكان مما استشهد به الصدير للشاعر القطان قوله «الشعراء بضاعة الأخطاء وتجارها في الوقت نفسه، الأخطاء التي يرثونها والأخطاء التي يورثوها»، وما ذكره عن المحسن «قصيدة النثر كانت الباب المفتوح لي ما بين شعراء يقدسون شعر العمود والتفعيلة، لأنني لا أحتاج إلى أحد ليساعدني فيه، وقد كونت ذاتي منه»، ونقل الصدير عن المطوع «في هذا الوقت لم يعد يوجد انشغال بفكرة الآباء والأبناء في الكتابة كما في السابق، الآن يوجد تخفف من هذا الثقل وغيره من القيود، إذا أصبح الانشغال بالاختلاف في التجربة والإبداع والبحث عن مناطق مختلفة للشعر وتجاوزها».