نشرت مجلة "نيتشر" البريطانية دراسة تقول إن هناك ظاهرة جوية يُطلِق عليها سكان ولاية كاليفورنيا الأميركية "قطار الأناناس فائق السرعة". هذا القطار هو بمثابة موجة مناخية تنشط عبر المحيط الهادئ، بدءًا من ولاية هاواي، لكن في نشاطها لا تحمل رياحها سِلالا من الفاكهة الاستوائية، بل تحمل أمطارًا غزيرة وثلوجًا. وفي لغة علماء الأرصاد الاصطلاحية يُطلق على هذا القطار "نهر الغلاف الجوي"، وهو بمثابة مسار هوائي ضيق، يحمل كميات هائلة من الرطوبة. وخلال نهاية شهري يناير وفبراير الماضيين، غزا علماء الأرصاد شرق المحيط الهادئ بحرا وجوّا، آملين في رصد عدة أنهار بالغلاف الجوي، متجهة نحو الساحل. وهذه المحاولة تُعد من أكبر الجهود التي بذلها العلماء حتى وقتنا هذا لفهم هذه الظواهر، التي حظيت باهتمام علمي جاد في العقد الماضي فقط. تبدأ أنهار الغلاف الجوي رحلة تكوُّنها من سطح المياه الاستوائية الدافئة، ثم تنساب نحو الشرق، وتتوجه إلى القطبين على ارتفاع يتراوح ما بين (2:1) كيلومتر فوق سطح المحيط. وقد يمتد طولها لآلاف الكيلومترات، لكن عرضها لا يتجاوز بضعة كيلومترات فقط. وبمجرد اصطدامها بسطح اليابسة تتسبب في هطول أمطار غزيرة، أو عواصف ثلجية. وفي هذا المضمار يصرح مارتي رالف الباحث في علم الأرصاد الجوية في معهد سكريبس لعلوم المحيطات في لاچولا بولاية كاليفورنيا، وقائد برنامج الرصد الميداني، بأنه "عندما تهل علينا موجات عديدة من نهر الغلاف الجوي، من الممكن أن تحدث فيضانات. أما عندما يمر عام وهناك قلة في حدوث هذه الموجة، ندخل في دوامة الجفاف شيئا فشيئا". في أوروبا تؤثر أنهار الغلاف الجوي على الجانب الغربي من القارة تأثيرا كبيرا، وقد يمتد أثرها على مساحة شاسعة من أراضي اليابسة، حيث من الممكن أن يصل إلى بولندا. أما في أميركا الشمالية، فالساحل الغربي بأكمله يتأثر وأحيانًا ما تُلقِي هذه الموجة التي تتكون فوق سطح مياه خليج المكسيك بظلالها على أجزاء من وسط الولاياتالمتحدة الأميركية وشرقها. وغالبًا ما تصحب موجة الرطوبة هالة من الترحاب، لأنها توفر نصف الإمدادات السنوية من المياه في المناطق المتأثرة. وقد توصلت دراسة أجريت في عام 2013 إلى أن موجة أنهار الغلاف الجوي كتبت نهاية ما يقرب من ثلاثة أرباع موجات الجفاف في شمال غرب منطقة الهادئ في الفترة ما بين (1950– 2010). ومنذ سنوات، شن الجفاف هجمة على ولاية كاليفورنيا، لكن في ديسمبر عام 2014 هلَّت موجة من موجات نهر الغلاف الجوي، تكفي للقضاء على نسبة الثلث من عجز المياه في أحد أكبر خزانات المياه الرئيسة في مدة قدرها يومان. يُعد البرنامج الأميركي الحالي الذي تبلغ كلفته عشرة ملايين دولار، ويُطلق عليه «كالووتر 2015» CalWater، خطوة جبارة لفهم الصفات الفيزيائية لأنهار الغلاف الجوي وهي ترتطم بسطح الأرض. وترسو سفينة بحثية تابعة للإدارة الأميركية الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، المعروفة بسفينة رونالد إتش براون، على بعد مئات الكيلومترات من ساحل كاليفورنيا، منتظرة دخولها تحت موجة من موجات نهر الغلاف الجوي وقت حدوثها. تحمل السفينة مجموعة من المعدات التي تديرها وزارة الطاقة الأميركية، بهدف رصد هذه الموجة الهوائية، ودراسة تركيز الأيروسول، فضلاً عن التعرف على خصائص أخرى للغلاف الجوي.