لعل الواقع الذي عاشته المملكة وسجلت فيه نجاحات متتالية، منذ بداية حربها ضد الإرهاب، أبلغ وأصدق في وصف قدرات أجهزة الأمن المعنية والتأكد من جاهزيتها الدائمة، من التمارين الافتراضية "التعبوية". وفي منطقة الحدود الشمالية، انطلق أمس التمرين التعبوي الأول المشترك لقوى الأمن الداخلي "وطن 85" الذي تقيمه وزارة الداخلية ويستمر 21 يوما، وذلك بمشاركة 1500 رجل أمن يمثلون القوات المشاركة في التمرين من قطاعات حرس الحدود وقوات الأمن الخاصة والأمن العام "قوات الطوارئ الخاصة ودوريات الأمن" وقوات أمن المنشآت وطيران الأمن والدفاع المدني والجوازات ومركز القيادة والسيطرة بوزارة الداخلية، وبمساندة من الهيئة العليا للأمن الصناعي، ومصلحة الجمارك. وأكد القائمون على التمرين التعبوي أن اختيار هذا المسمى "وطن 85" جاء لقرب احتفال المملكة بمرور 85 عاما على التأسيس. ويقام التمرين على الحدود السعودية- العراقية، مقابل محافظة الأنبار العراقية، التي تشهد اضطرابات كون أجزاء كبيرة منها تقع تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي. وفيما أكد مساعد وزير الداخلية لشؤون العمليات الفريق أول سعيد عبدالله القحطاني في كلمته خلال حفل افتتاح التمرين، على استمرار التمرين بشكل دوري للقطاعات الأمنية، كثفت الأجهزة الأمنية مشاركتها، وبآليات ومعدات مختلفة لمواكبة التمرين والاستفادة منه، باستخدام أحدث الأجهزة والآليات الأمنية المتقدمة، لصد ورصد المتسللين عبر الحدود والاعتداءات الإرهابية المحتملة، التي قد تنفذها العناصر الإرهابية والخلايا النائمة. إلى ذلك، دشن الفريق أول سعيد القحطاني غرفة العمليات والتحكم والسيطرة للتمرين بمنطقة جديدة عرعر. ويقوم التمرين "وطن 85" على ستة تدريبات وفرضيات، ومنها التصدي لمحاولات العناصر الإرهابية لاقتحام منافذ حدودية برية بعدد كبير من العناصر الإرهابية والسيارات، إذ يحاكي التمرين الأساليب الإرهابية والوسائل المختلفة، إلى جانب تطبيق فرضيات المتابعة والرصد لتحركات الخلايا النائمة داخل المملكة والتعامل مع عدد من الحالات الافتراضية التي تمثل اعتداءات إرهابية محتملة تنفذها عناصر الخلايا النائمة في منشآت ومرافق حكومية أو أمنية أو خدماتية أو صناعية أو مناطق سكنية، وذلك بالتزامن مع محاولات العناصر الإرهابية القادمة من خارج المملكة تجاوز الحدود السعودية. وتشمل هذه الفرضيات التي يتم تنفيذها في مدينة تشبيهية، منفذا حدوديا ومرافق عامة ومنطقة سكنية، بهدف التصدي لمحاولة عناصر إرهابية تجاوز الحدود للاعتداء على مرفق خدمات عامة في منطقة سكنية، ومداهمة قيادات وعناصر إرهابية بعد توافر معلومات عن المواقع التي يختفون فيها والقبض عليهم، وتنفيذ عمليات إخلاء المسافرين والموظفين من المنافذ التي تتعرض للاعتداءات الإرهابية، وكذلك إخلاء المناطق السكنية المعرضة للأخطار التي قد تنجم عن تعامل رجال الأمن مع العناصر الإرهابية وإيوائهم وإنقاذ المتضررين والبحث عن المفقودين، وإسعاف المصابين، وإطفاء الحرائق، وإعادة الحياة الطبيعية لكل ما يمكن أن يستهدفه أي تنظيم إرهابي. ويعد منفذ جديدة عرعر –موقع تنفيذ التمرين- المنفذ البري الوحيد مع الجانب العراقي، على طول الحدود الممتدة لمسافة تزيد على 700 كيلومتر. وكان قد أقفل جزئيا منذ 25 عاما، ويتم افتتاحه موسميا خلال موسم الحج لدخول الحجاج العراقيين، ثم أغلق بالكامل العام الماضي لظروف أمنية بعد الأحداث التي آلت إليها بلاد الرافدين. ويبعد منفذ جديدة عرعر عن العاصمة العراقيةبغداد قرابة 400 كيلومتر، وهو أقرب مركز للتبادل التجاري مع العراق. ويبعد منفذ جديدة عرعر، عن وسط مدينة عرعر قرابة 50 كيلومترا شمالا، ويضم إسكانا متكاملا لعدد من القطاعات الأمنية والخدمية، ومستشفى يتم تشغيله موسميا، ويتسع لأكثر من 280 سريرا. وحظي المنفذ باهتمام عالمي حين تم افتتاحه عام 2001 لمرور البضائع السعودية إلى العراق، ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء، ويعد المنفذ الدولي الخامس لمرور البضائع إلى العراق، بعد سورية وتركيا وأم قصر والأردن. ومع تفاقم الأوضاع الأمنية في العراق عززت السلطات الأمنية في المملكة وجودها على طول الحدود مع العراق، وتزامن ذلك مع افتتاح مشروع الملك عبدالله –رحمه الله-، لتأمين حدود المملكة، ويضم ثمانية مراكز للقيادة والسيطرة، و32 مركز استجابة على طول الحدود. أمير الشمالية يبحث الترتيبات التعبوية عرعر: واس بحث أمير منطقة الحدود الشمالية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد عددا من الأمور ذات العلاقة بالتمرين التعبوي الأول لرجال الأمن في المنطقة "وطن 85" في ظل الدعم غير المحدود الذي تلقاه مختلف القطاعات العسكرية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، القائد الأعلى لكافة القطاعات العسكرية، وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد. جاء ذلك خلال استقباله في مكتبه بالإمارة أمس مساعد وزير الداخلية لشؤون العمليات الفريق أول سعيد القحطاني، يرافقه مساعدو الوزارة ومديرو العموم بوزارة الداخلية الذين قدموا للسلام على أمير الشمالية بمناسبة انطلاق التمرين التعبوي المشترك الأول لقوى الأمن الداخلي ضد الإرهاب "وطن 85". من جانبه، أعرب القحطاني عن شكره وامتنانه لأمير منطقة الحدود الشمالية على الحفاوة وحسن الاستقبال، مؤكدا أن القطاعات الأمنية بالمنطقة تحظى بالدعم والرعاية من سموه مما كان لهما الفضل بعد الله في تذليل كل ما قد يعترض مهام وواجبات رجال الأمن بالمنطقة. من جهة أخرى، قام مساعد وزير الداخلية لشؤون العمليات والوفد المرافق له بزيارة ميدانية إلى قيادة حرس الحدود بالمنطقة، اطلعوا خلالها على مركز القيادة والسيطرة وإدارة العمليات بالقيادة. كما وقفوا على العملية التطويرية ذات التقنية العالية والتحكم بمتابعة الحدود الشماليةالشرقية بطول 900 كلم. واستمعوا إلى شرح مفصل من المدير العام لحرس الحدود اللواء بحري عواد البلوي عن الدور البارز الذي يقوم به المركز، فيما أبدى القحطاني ومرافقوه إعجابهم بما شاهدوه من تقنية متطورة في هذا المركز. مصادر ل"الوطن" : التمرين أعد قبل حادثة سويف عرعر: فريح الرمالي فيما أطلقت أمس وزارة الداخلية التمرين التعبوي الأول المشترك لقوى الأمن الداخلي (وطن 85)، بمشاركة 1500 رجل أمن في جديدة عرعر على الحدود السعودية - العراقية، أفصحت مصادر ل"الوطن" أن التمرين كان معدا له قبل حادثة تسلل الإرهابيين عبر مركز سويف الحدودي قبل 50 يوما. وكانت الحادثة أسفرت عن استشهاد ثلاثة من رجال الأمن، منهم قائد سلاح الحدود في المنطقة الشمالية، إضافة إلى مقتل الإرهابيين الأربعة. وأشارت المصادر إلى أن التمرين محدد سلفا لرفع مستوى التنسيق بين القطاعات الأمنية، ومواجهة التنامي الملحوظ في نشاطات الجماعات والتنظيمات المتطرفة، ومحاولاتها المستميتة لاستهداف المملكة بجرائمها الإرهابية للنيل من أمن مواطنيها ومقدراتهم.