منذ وصوله بيروت الأسبوع الماضي، أحدث رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري حراكا مكثفا، إذ شهدت الفترة الماضية كثيرا من الاجتماعات، أبرزها اللقاء الذي جمع الحريري ورئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، الذي تزامن مع انعقاد الجولة السادسة من الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، وبرز تقدم في ملفي الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، وأزمة الفراغ الرئاسي. وأفادت مصادر مطلعة "الوطن" أن المتحاورين توافقوا على العودة إلى الحوار في جولة سابعة، تقرر أن تعقد في الأسبوع الأول من مارس المقبل، على أن يكون موضوع استراتيجية ومكافحة الإرهاب في مقدم الأولويات المطروحة، إضافة إلى موضوع "سرايا المقاومة"، في ضوء اللائحة التي قدمها وفد المستقبل، بإمكان وجود هذه السرايا وأعداد المنتمين إليها والسلاح المتوافر لدى عناصرها. كما أكد الحريري لدى استقباله السفراء العرب المعتمدين في لبنان أن "أي استراتيجية لمكافحة الإرهاب لا تتم إلا من خلال الجيش اللبناني والقوى الأمنية والعسكرية الشرعية، التي تتولى مسؤولياتها بجدارة على كل الأراضي اللبنانية"، مشددا على أن "المدخل الصحيح لوضع استراتيجية وطنية موضع التنفيذ الجدي يكون بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن". وأضاف في تصريحات صحفية "بدأنا حوارا مع حزب الله لتنفيس الاحتقان الطائفي والتخفيف من تداعيات مشاركة "حزب الله" في الحرب في سورية، ونأمل أن يكون هذا الحوار منتجا لنتمكن من الخوض في مسألة الانتخابات الرئاسية والتوافق على رئيس جديد، بما يمكن لبنان من مواجهة التحديات، ودعم عوامل الاستقرار والنهوض الاقتصادي والاجتماعي"، مشيرا إلى أن هناك دولا عربية ترعى الاعتدال، على رأسها السعودية ودول الخليج العربي ومصر، وتابع "علينا أن نطور هذا النهج، ونسعى بكل قوانا لتشجيع الأكثرية الصامتة للقيام بالدور المطلوب في مواجهة مظاهر التطرف أينما وجدت، وهذا بالطبع سينعكس إيجابا على كل الدول العربية من دون استثناء". ورأى الحريري أن استمرار الحرب الدائرة في سورية والتدخل في شؤونها "يعرضا لبنان لتحديات ومخاطر كثيرة وهي تحديات تتفاقم مع تنامي ظاهرة الإرهاب التي تشكل تحديا للعرب والمسلمين والمجتمع الدولي". وفيما يخص ملف العسكريين المخطوفين، اطلع الحريري من وزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم على المساعي التي تبذلها الدولة اللبنانية لاستعادة العسكريين الأسرى.وكان إبراهيم قام بزيارة قطر، حيث عقد لقاء مع مدير المخابرات القطرية غانم الكبيسي، يفترض أن ينقل الملف إلى مرحلة نوعية جديدة، قوامها تحديد سقف نهائي للأعداد والأسماء التي يطالب بها تنظيم جبهة النصرة، على أن يلي ذلك البدء بالتفاهم على آلية واضحة وتفصيلية للتبادل، شبيهة بآليتَي أعزاز وراهبات معلولا. وأوضحت مصادر حكومية ل"الوطن" أن هذه المفاوضات تتم بضمانة القطريين، ولكنها لا تسري على العسكريين الأسرى لدى تنظيم الدولة "داعش"، الذين قرروا تجميد المفاوضات، من دون تقديم أية تفسيرات.