أعلن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أن «قطر تواصل جهودها الهادفة لإطلاق العسكريين اللبنانيين المخطوفين (لدى «داعش» و»جبهة النصرة» في جرود عرسال). وقال إن «ما دار بيني وبين القيادة القطرية في شأن العسكريين المخطوفين واضح، والقرار القطري المتخذ هو المضي بمعالجة هذا الوضع الشاذ بكل السبل المتاحة، أما التفاصيل فتبقى أمر أصحاب الاختصاص، وهذا يتطلب دقة وكثيراً من التكتم وسنتواصل مع القطريين في هذا الشأن». وكشف أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم «سيبقى في قطر وهو المسؤول عن هذا الملف، ونأمل بأن نتمكن خطوة خطوة من معالجة هذا الملف الشائك والمعقد الذي يتطلب الكثير من التكتم والسرية لنتمكن من تحقيق تقدم». أجرى الرئيس سلام محادثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس في حضور نظيره رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، ووزير الخارجية خالد العطية، ورئيس الديوان الأميري الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني، كما حضرها الوفد اللبناني المرافق. وعقب ذلك عقد اجتماع موسّع بين الجانبين اللبنانيوالقطري برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين. وشدد سلام في مؤتمر صحافي عقده في الدوحة قبل مغادرته على أنه «في ظل توجيهات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني هناك متابعة لهذا الأمر»، ولفت إلى زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قطر (أمس). وقال: «لا بد من أن تصب الزيارة في ما يسعى إليه إخواننا في قطر لمعالجة هذا الملف، لنتمكن كلنا من أن نصل إلى نهاية طيبة وسعيدة». وأشار إلى أن «المفاوضات في هذا الشأن بوشرت لكنها في البداية ولم نصل إلى أماكن يمكن لنا فيها أن نفرج عن معلومات معينة، احتمالات كثيرة مفتوحة أمامنا، وسنعطي هذا الملف كل ما يستحق». وشدد على أن «معنا عناصر قوة مميزة أبرزها وحدتنا الداخلية في مواجهة الإرهاب، هناك خلافات بين القوى السياسية (اللبنانية) في مواضيع عامة أما في موضوع الإرهاب والتصدي للإرهابيين فالموقف اللبناني يجب أن يكون موحداً وواضحاً لنكون أقوياء في مواجهة هذا التحدي». وكان سلام استهل مؤتمره الصحافي بالإشادة «بقطر وبالأمير الشيخ تميم الذي يكن للبنان كل محبة وتقدير». وقال: «نحن هنا لنقول مرة جديدة شكراً قطر على ما تم عبر سنوات طويلة من تلاحم ودعم قطريللبنان واللبنانيين في قطر»، وأكد أن المحادثات اتسمت ب»الشفافية والصراحة، واستمعنا إلى كلام مشجع وداعم لنا إلى درجة أن الأمير أعرب لنا عن رغبته شخصياً في زيارة لبنان، وأنه لا يريد أن يسبقه القطريون بزيارة لبنان، هو يريد أن يعبر من موقعه القيادي عن محبته ودعمه لنا بهذا العطاء والزخم من المحبة، ونحن سعداء بأن تكون لنا حصة وفرحة بزيارته للبنان». وأكد أن «محادثاته تناولت هموماً من أبرزها ما نعانيه في موضوع النازحين السوريين». ودعا إلى «مؤازرة لبنان في هذا الملف». وقال: «إن قطر أعربت عن رغبة في دعم لبنان في هذا المجال تخفيفاً عنا وعنهم». وأضاف أنه بحث «موضوعاً حساساً ودقيقاً يتعلق بما استجد من استهداف إرهابي علينا في لبنان وتمثل في احتجاز عدد من العسكريين بأيدي الإرهابيين وممارسة أشنع وأبشع الطرق غير الإنسانية وغير الشرعية، وهو ما لم نألفه من قبل مع كل الأعداء». ورأى أن «هذا الملف يحتاج معالجة دقيقة ووحدة صف داخلي». وشدد على أن «احتجاز العسكريين يشكل عبئاً كبيراً علينا، وأرواح الجنود الأبطال في ذمتنا ومسؤوليتنا جميعاً، وللحفاظ عليها، علينا أن نكون موحدين جميعاً، بخاصة عندما نحاول الإفراج عنهم مستعينين بإخوتنا في قطر بما لهم من تجارب ومد ليد العون». وسألته «الحياة» عن جديد العلاقة اللبنانية مع قطر ودول مجلس التعاون الخليجي في مجال مكافحة الإرهاب في ضوء اجتماع الدول العشر في السعودية، وهل يستطيع لبنان أن ينهض بدوره؟ فرد بقوله: «لبنان اليوم مستهدف من الإرهابيين، أي جهد يتفق عليه في مواجهة التحدي الإرهابي فلبنان معه وفي وسطه ويتقدم الصفوف لنتمكن جميعاً من إحراز تقدم، لكن الجميع يعلم أن للبنان قدرات محدودة وموقفه ومساهمته ربما تكون من موقف دفاعي نسبة إلى قدراته، نحن نؤكد ونتفاعل مع كل الإخوة الذين يلتفون لمكافحة الإرهاب». وفيما كرر أن «رأس الحربة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين في وحدتنا الداخلية والجيش يأتي ضمن ذلك»، وقال إن «السعودية تكرمت بدعم الجيش اللبناني بإمكانات غير مسبوقة في لبنان، كان أول التزام 3 بلايين دولار ثم بليون دولار»، مؤكداً «أهمية تنفيذ هذا الدعم بالشكل المطلوب وبالسرعة المطلوبة». وأكد أن «نية إخواننا القطريين المساعدة وهم منفتحون لتحديد مجالات المساعدة، وسمو الأمير كان واضحاً وقال إن كل ما تحتاجونه لن نقصر في توفيره ومساعدتكم». وأضاف: «إن الجيش ليس فقط سلاح ومعارك، هو إرادة والإرادة عند جيشنا مدعومة بشكل كامل من القيادة السياسية لنتكامل عملياً في مواجهة الإرهاب». زيارة لبنان وعما إذا قررت قطر رفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان، قال: «الأمير أعرب عن ذلك، قال إذا كنا حذرنا القطريين في وقت ما خشية من الأوضاع ولم يتوقفوا من الذهاب للبنان فخير جواب أن أذهب (الأمير) إلى لبنان»، وقال سلام: «الأمير أكد أنه في مقدم القطريين الذين سيزورون لبنان». وعن أولويات لبنان قال: «إنها سياسية، هم كبير علينا أن ننجز ما هو مطلوب وهو بصراحة انتخاب رئيس جديد»، وأكد أن «الهموم الأمنية أولوية ليستقر البلد، وفي ظل التهديد الأمني تبرز صعوبة سياسية أمنية تحتاج لعناية فائقة وهذا ما تقوم به حكومة الائتلاف الوطني». وكان سلام توجه في زيارة خاطفة إلى الدوحة أمس على رأس وفد وزراي ضم نهاد المشنوق، سجعان قزي، غازي زعيتر، روني عريجي واللواء عباس إبراهيم. وقال سلام في «دردشة» مع الإعلاميين على متن الطائرة: «هناك قضايا مرحلية تمر علينا وعلى المنطقة توجب التشاور والإطلاع، وبما أن لقطر دوراً مميزاً وفاعلاً في مختلف الأوساط العربية والدولية والإقليمية، واليوم بالذات هناك موضوع تسعى قطر لمساعدتنا فيه وهو الموضوع المستجد على أثر المواجهة مع الإرهاب في عرسال والذي نتج منه الواقع المتمثل بعسكريينا المخطوفين والذي يحتاج إلى مساعي بمختلف الوسائل والطرق للإفراج عنهم، وفي هذا الموضوع لقطر تجارب ماضية في المساعدة ومد يد العون في تسهيل أمور من هذه الطبيعة، ومن البداية توجهنا إلى القيادة القطرية بطلب المساعدة وهذا أمر يتطلب متابعة وملاحقة وتشاوراً مستمراً، وأن شاء الله تكون النتائج كما نتمناها جميعاً». وعن كيفية ضبط الشارع وطمأنة اهالي العسكريين، قال: «ضبط الشارع والقاعدة والبلد والمشاعر والاحاسيس عند القوى السياسية كافة، عندما تحسم امرها وتقرر في اطارالصراع السياسي القائم، اما غير ذلك فسيؤدي الى عواقب وخيمة». ورفض سلام تشبيه قضية العسكريين الاسرى بقضية مخطوفي اعزاز او راهبات معلولا، «لان هذا الاحتجاز للعسكريين ليس من طبيعة الخطف السابق ذاتها». اللواء ابراهيم أما اللواء إبراهيم، فاكد من ناحيته «انه زار تركيا قبل ايام»، لافتا إلى «أن قطر تلعب دور الوسيط وهناك شروط تعجيزية لدى الخاطفين، لكن نستطيع القول ان الدولاب بدأ يتحرك انما ببطء». وحول طبيعة التفاوض مع كل من «داعش» و»النصرة» وما إذا كان التفاوض مشتركا أم أن كل طرف يفاوض لوحده»، قال: «لكل منها شروطه المختلفة ولا يوجد تنسيق بينهما ما يصعب المفاوضات، ومن يضع الشروط من خارج القلمون والشخصية السورية ما زالت تقوم بالوساطة»، لافتا ضمن هذا الإطار الى «أن مصطفى الحجيري جمد تحركاته في قضية العسكريين الأسرى»، موضحا «أن هناك امورا ايجابية ستحدث على المستوى السياسي من شانها ان تخفف الاحتقان المذهبي».