أكد الناقد سعيد السريحي أنه عندما تتحدث عن قيم ومناهج علمية لا مجال معها لهذه "الأبوية" التي تتحدث عن البر والعقوق والحب والإعجاب، ما تستقيم به العلاقات الاجتماعية بين الناس ولا تقوم عليه العلاقات العلمية بين العلماء والمشتغلين بالدرس والبحث. وقال السريحي إنه يرد مكرها على حديث عضو لجنة مناقشة رسالته للدكتوراه التي شهدتها جامعة أم القرى أواخر الثمانينات الميلادية، الدكتور مصطفى عبدالواحد الذي رد على حديث سابق للسريحي إلى "الوطن"، ووجه السريحي سؤاله لعبدالواحد: من أغراك بي؟ معربا عن إشفاقه عليه - حسب قوله - من سوء ظنه بمن حوله زميليه الحارثي وباجودة، ومشيرا إلى أنه لا يلام عندئذ إن ساء ظنه بعالي القرشي أو جهل إبراهيم زولي أو تجنى على السريحي. وقال السريحي ل"الوطن": "لم أكن أريد الحوار الذي أطلقه وسم أنشأه الدكتور فهد اليحيى بتويتر أن ينحرف عن الغاية التي تأسس من أجلها، ويدخل في خلاف جانبي بيني وبين الدكتور عبدالواحد، الوسم كان يستهدف مراجعة الإجراءات التي اتخذتها جامعة أم القرى وانتهت إلى رفض منحي درجة الدكتوراه بعد أن كانت اللجنة التي ناقشت رسالتي أوصت بمنحي إياها. الحوار استهدف تكريس القيم العلمية ورد الاعتبار لمفهوم الجامعة، مبرئا ما يتلبس به من خضوع لقوى الضغط في حقبة شهدت تصاعد مد التشدد وسيطرت عليها سياسة الإقصاء. بالإضافة إلى عدم إقحام الدكتور عبدالواحد نفسه في الحوار الذي حرصت فيه على أن أتجاوز الممارسات التي تعرضت لها قبل المناقشة والتعنت الذي اتسمت به المناقشة، وعددت أن الدكتور عبدالواحد شاهد إثبات ما دام ناقشني وأوصى بمنحي الدرجة ثم وقع على أني أجريت كامل التعديلات في كامل النسخ كما يفعل كل طالب تتم مناقشة رسالته. لم أكن أود أن أدخل معه في حوار لولا أنه، هداه الله، عاد، كمن تنقض غزلها أنكاثا من بعد قوة، يشكك في رسالة سبق له أن أجازها ويطعن في علم طالب يعرفه حق المعرفة، ثم لا ينجو في تشكيكه وطعنه من هفوات الخلط بين الوقائع واختلاق بعض الأحداث والنيل من بعض الأساتذة رغم ما كان يربط بينه وبينهم من زمالة، وهو الأمر الذي وجدت نفسي مضطرا للرد عليه ومكرها على تفنيده". السريحي تمنى لو أن عبدالواحد اكتفى بما قال ليكتفي بما ذكر، وقال: "إنه أمعن في الخصومة فأتى بالعجائب فيما نشرته "الوطن" أمس على نحو يجعلني مكرها للمرة الثانية على التصدي لما قال عني وعن أساتذة كنت أجلهم عن أن يعرض لهم بما عرض به. وعزائي فيما قاله عني ما قاله عن عميد كلية اللغة العربية آنذاك محمد مريسي الحارثي من أنه اكتشف أنه يحمل له في نفسه ضغنا كبيرا لم يعرف كيف يستله منه لمجرد أن ألمح الحارثي إلى عدم اختصاصه بالحديث عن الحداثة، وما قاله عن الدكتور باجودة واصفا إياه بأنه "قد شغل نفسه بالتفسير البياني للقرآن، ولم يتطرق لمجال آخر، وكل كتبه هي تفاسير ذات منهج متشابه: فكأنها كتاب واحد"، وإذا كان ذلك ظنه بزميليه الحارثي وباجودة فلا يلام إن ساء ظنه بعالي القرشي أو جهل من هو زولي أو تجنى على السريحي". وأضاف: "حين لا يرى في عشرات المقالات وآلاف التغريدات التي دونت من كتاب ومثقفين، حين لا يرى في ذلك كله إلا محاولة للعودة إلى الأضواء، فإني لا يمكن لي إلا أن أشفق عليه مما انتهى إليه علمه بالأسباب فضلا عن معرفته بما أنا فيه من كرم الله عليّ، فهل عرف عبدالواحد أن الرجل الذي يظنه يبحث عن الأضواء من وراء إثارة هذه القضية صدرت له خلال عام واحد كتب ثلاثة، وقدم سبع محاضرات في سبع مدن خلال الأشهر التي سبقت تداول موضوع رسالته؟". وتابع السريحي: "يمن عليّ أن نشر لي في مجلة التضامن الإسلامي إبان رئاسة تحريره ومنحني مكافأة تمنحها المجلة لكبار الكتاب، وإني إذ أقر له بالفضل إلا أن في حديثه عن اكتشافه لموهبتي، مسألة أخرى، فهو إذا كان لا يعرف أني كنت أنشر في صحيفة البلاد مذ كنت طالبا في الثانوية فهو يعرف أني كنت أشارك في محاضرات اللجنة الثقافية في كلية الشريعة التي لم يكن يشارك فيها إلا حملة الدكتوراه. وإذا كان الدكتور مصطفى ذكر في حديثه الأول ل "الوطن" أنني تقدمت بشكوى إلى جهات عليا، وهو الأمر الذي نفيته، فعاد ليقول "الحقيقة أنك قابلت أحد المسؤولين وقدمت شكوى فأحالها إلى وزير التعليم العالي"، وإني لأعجب كل العجب أن تختلط الأمور عليه إلى هذه الدرجة"، مؤكدا له مرة أخرى: "أنني لم أتقدم بالشكوى لأحد، ولعله في مقابلة ثالثة يصحح حديثه، وأشرت إلى أنني شكوت لجارنا على سبيل المثال. وحين نفى أن تكون هناك أي رسالة تبنت المنهج البنيوي قبل رسالتي سألته عما يقول عن رسالتي للماجستير التي تبنت المنهج نفسه فعاد يقول إنه يقصد رسالة دكتوراه، وذلك هو العجب الذي الأعجب منه أن قال إنه لو ناقش رسالتي للماجستير لرفض الدعاوى التي قامت عليها، فما رأيه إن قلت له إن محمود زيني الذي كتب تقريره عن رسالتي للدكتوراه هو من ناقش رسالة الماجستير وقرر منحها الدرجة بتقدير ممتاز". من جانبه، أكد الدكتور محمد مريسي الحارثي ل"الوطن" أن عبدالواحد يعيش أزمة ذات علاقة بالموضوع مع دكتوراه السريحي ما زالت تؤرقه إلى الآن، لكونه يعرف جيدا أنه أخطأ في موقفه من الرسالة عندما تعقبها بمجلس الجامعة. وأردف الحارثي: "الدكتور مصطفى هدارة كان ملتزما بلوائح الجامعة وغيره لم يلتزم باللوائح". أما الدكتور عالي القرشي فقال معقبا: "تنبهت من خلال كلام عبدالواحد فيما يخصني إلى أمرين، هما الذات المتباهية، فهو لم يعلق في ذهنه من كتابي (المبالغة في البلاغة العربية، تاريخها وصورها) إلا الإهداء، لأنه يخصه، أما الكتاب فلم يعلق في ذهنه منه شيء إلى الحد الذي جعله ينسى عنوانه، فذكر أنه (الكناية في البلاغة العربية)، وليس لدي كتاب بهذا العنوان. ويبدو أن ذاكرته أدت به إلى أن يقول كلاما يشكك في نزاهة عمادة كلية اللغة العربية التي كان عميدها آنذاك محمد مريسي، ويظهرها كأنها لا ترعى التقاليد الأكاديمية وتحرص عليها، وهنا أقول إن الموقف اليوم يستدعي شهادة الدكتور محمد مريسي، ووثائقه، حماية للأعراف الأكاديمية في كليته وهذا حقها وحقنا عليه".