جميل فرحان اليوسف جميع الدول المتقدمة علميا وصناعيا بل وحتى عسكريا وسياسيا، كانت انطلاقتها من بين جدران المدارس والجامعات، فقد آمنت بدور التعليم وعملت على تطويره، وكل الدول التي ترغب الوصول الدقيق والسريع لأهدافها تلجأ إلى الباحثين والعلماء ودور البحث والخبرة كمراكز تنموية تنطلق منها الأفكار والخطط والاستراتيجيات. ولذلك لا يمكن لعاقل أن يغبط الدكتور عزام الدخيّل على تعيينه وزيرا للتعليم بالمملكة بعد دمج وزارتين من أهم وأكبر وزارات المستقبل؛ لأنه الآن يتحمل أمام الله وأمام المسؤول والمجتمع، مسؤولية مستقبلية تنموية مفصلية شاملة، يعتمد عليها مستقبل الوطن بأكمله. فوزارة التعليم اليوم، بما تضمه من جامعات ومدارس وموظفين وطلبة، ومقررات وأنظمة وهيكلة وآليات ومشاريع، تشكل الجانب الأكثر أهمية وخطورة على الغد المنتظر، وكل الآمال والطموحات التي كنا نتطلع إليها من الوزارتين، صارت اليوم على طاولة الدكتور عزام الدخيّل، وكل الإشكالات والتعقيدات والعقبات والمخاوف المنقسمة بين الوزارتين سابقاً توحدت اليوم أيضاً على طاولة الدخيّل! جامعاتنا بأنظمتها القديمة ومشروعاتها الحديثة، مدارسنا بكل برامجها التقليدية والتطويرية، واقع خريجي التعليم العام والعالي، والفجوة الكبرى بين الاثنين، كل شيء يتعلق بمستقبل التغيير بالإنسان صار فعلياً على طاولة الدخيّل! وبعد، كونك قبلتَ الرهان؛ فكان الله في عونك على هذا المشوار الشاق جداً. بانتظارك جيل ومجتمع يترقب اليوم الوطني والمطر والبرد والغبار من أجل الفوز بيوم إجازة! وبانتظارك جيل ومجتمع يترقب النقل والتوظيف والتحسينات والتعويضات وحل كل المشكلات بعصا موسى! وبانتظارك جيل جعل التقنية وسيلة للنكات والسخرية حتى من نفسه! وبانتظارك جيل لا يمتلك الرغبة في العمل المهني ولا تعلم المهنة أصلاً. وبانتظارك خليط من التغيرات التي واكبت الانفتاح السريع والانتقال بين مرحلتين من عمر المجتمع والوطن. وبانتظارك جيل لا يعتمد على نفسه ويمارس الاعتماد على الغير في كل شؤون حياته. الوطنُ برمته بانتظارك، واقعٌ ممتلئ بالمشكلات، ومستقبل ممتلئ بالمخاوف والتحديات والطموحات. وفي مقابل كل ذلك، ستجدُ في التعليم بنية تحتية مجهزة، مشروعات ومدن جامعية كأحدث ما يكون الإنشاء، تحتضن الكثير من التجهيزات والمعامل والبرامج والمبادرات الطموحة الخلاقة. ستجد الكراسي العلمية ومراكز الأبحاث والآلاف من أعضاء هيئة التدريس والباحثين والخبراء، ستجد فريقا متحمسا يريد أن يخوض غمار اللعبة، ويعشق التحدي والعمل والمثابرة والبذل، ولن تجد نفسك ضمن فريق ضعيف، "إن أجدت إعادة الهيكلة والتشكيل ورسم الخطط القابلة للتنفيذ، ونسفت المركزية ومنحت الجامعات والإدارات التعليمية والمدارس مساحة من الحرية، وبقيت مشرفا من أعلى على كل العمليات التي تدور في الميدان". الواقع صعب والتحديات مخيفة ومقلقة، والطموحات عظيمة، لكن المبشرات والمحفزات ودواعي الأمل والتفاؤل كثيرة ومؤثرة أيضاً. حقيقة، نسأل الله لك العون والتوفيق والسداد، ونثق بأن اختيارك لم يكن مصادفة ولا مجاملة، فثمة ميزات منحتك ثقة "سلمان المرحلة الجديدة" بكل تغييراتها وتطلعاتها الجريئة الواضحة. فلك أن تتخيل ثقة ملك عازم على التغيير، وتطلعات شعب ووطن كبير، وتغيرات إقليمية وعالمية، وها هو الإنسان السعودي بعلمه وفكره وثقافته وقدراته وأحلامه، أمامك "من مراحل عمره الأولى وحتى يتسلم الوثيقة الجامعية"! إنها معادلة معقدة جداً، وبقدر ما نتعاطف معك في مسؤولية حلها وتفكيك رموزها، بقدر ما سنتابعك بمنتهى الدقة والمحاسبة. ها قد توليت وزارة الإنسان تربية وتعليما وتدريبا وتأهيلا للمستقبل، وإن تأملتَ من حولك ستجد رجالاً يشغلهم الوطن ومستقبله، قادرين على إعانتك واختصار الزمن أمام إنجازاتك، فإن نجحت - وهذا ما نتمناه - فستكون وزير المرحلة التاريخية الجديدة من عمر المملكة العربية السعودية، وستردد الأجيال اسم رائد من رواد التغيير والنجاح، اسمه "عزام الدخيّل".