توفي الملك عبدالله لكنه لم يرحل عن قلوبنا! أمسكت بقلمي بعد منتصف الليل وقلبي يضج بالمشاعر، عجيب أن يجتمع سكون الليل مع ضجيج القلب، بأي شيء أبدأ وفي مثل هذا الوقت تخرس الأقلام، وتعيا الألسن، وتتزاحم المشاعر لتغص النفوس بها، كل الكلمات العربية التي أحفظها ضاعت في دهاليز صدمة الواقع، وكل المشاعر اضطربت وتباينت في لحظة واحدة، وأنا الضعيف كيف أصوغها وأسطرها؟! وحتى هذا الحزن الدفين في أعماق قلبي كيف لبائس مثلي أن ينفس عنه وهو لا يملك إلا قلما عاجزا؟! ملك الإنسانية.. الأب الحاني على الشعب.. الرجل الذي وقف شامخا رغم سياط الزمن، وجلالة الأعمال، وثقل الأمانة.. الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله. كنت أسائل نفسي ما الذي جدّ في الأمر؟ كل يوم نشيع مئات الأموات فلم اليوم فقط تضج الدنيا بأكملها وتنتفض؟ يرتدي الكون ثوبا أسود ويشيخ القمر وهو في بداية الشهر وحتى الغروب الذي لطالما أحببته بدا اليوم باهتا بلا طعم! كل هذا لأن الذي مات لم يكن عاديا فوق الأرض، وحينما يدفن تحت الأرض لا يجب أن يكون عاديا أيضا! ولدت هنا في المملكة العربية السعودية، لست سعودي الجنسية لكني سعودي الهوى والثقافة واللغة والانتماء والعشق، كل أبياتي التي أخبئها في دفتري، الأغاني التي أنفرد بها في منتصف الليل، العشق الذي يكبر كل يوم هي فقط للمملكة العربية السعودية. هل عجيب أن أعرف عن المملكة وملوكها وشعبها وثقافتها ولغتها أكثر من أي دولة أخرى.. منها دولتي الأم؟! هل عجيب أن أملأ الدنيا بهجة وفرحا في أي مناسبة وطنية ولا أفعل ذلك في مناسبات بلدي الأم؟! لست وحدي من يفعل ذلك وليس غريبا أن أفعل ذلك! من عاش في كنف المملكة العربية السعودية وفي ظل ملوكها الأوفياء لوطنهم ولكل مقيم فيه سيعيش هذا الحب وأكثر.