للتاريخ والبحث نصيب كبير في اهتمامات الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومكون أصيل في شخصيته، وليس أدل على ذلك من تصريحه بأن أحب ما لديه عندما يتجه إلى القراءة في برنامجه اليومي أن يقرأ موضوعاً في التاريخ. كما يحرص دائما على الوجود في كل مناسبة تستحضر أسرار التاريخ وتقلب دفاتره، ويدعم كل منجز ثقافي لينهل منه المؤرخون والمثقفون، ويتواصل اهتمامه بأي نشاط علمي يتعلق بتاريخ البلاد، سواء على المستوى الفردي أم على مستوى المؤسسات والمراكز العلمية، ما أدى إلى ازدهار الثقافة والوعي بالتاريخ، وازدياد المصادر والمؤلفات الوطنية. وفي هذا السياق، يقول الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز فهد السماري: "قرأ الملك سلمان التاريخ ووعاه، وحاكى في ذلك والده المؤسس رحمه الله، وأصبح متابعاً ومدركاً لقضاياه وجوانبه، وألمّ بتاريخ الدول والأسر والقبائل. وصرّح بأن أحب ما لديه عندما يتجه إلى القراءة في برنامجه اليومي أن يقرأ موضوعاً في التاريخ". ويرى أنه تميز بأنه باحث بكل معنى الكلمة، متجاوزاً بذلك المنهجية المعروفة ومتفوقاً عليها. فعندما يقرأ في كتاب ويجد مصدراً لم يسبق أن اطلع عليه فإنه يفتح مساراً جديداً للقراءة للتعرف على ما في ذلك المصدر من معلومات تاريخية، وعندما يقرأ معلومات غير دقيقة فإنه يناقشها ويحيلها إلى المصادر. وقال: "بما أن دارة الملك عبدالعزيز، التي أسست سنة 1392 1972 هي مؤسسة التراث والتاريخ الخاص بالجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية، فقد حرص على زيارتها وتشجيع العاملين فيها. وفي 19 من ذي القعدة 1402ه "7 -9- 1982" زار الدارة واطلع على أعمالها، وأبدى اهتماماً خاصاً بهذه المؤسسة العلمية الوطنية المهمة. وفي 13 من رجب 1416ه "24-11-1996" افتتح الملك سلمان بن عبدالعزيز ندوة الوثائق التاريخية التي نفذتها دارة الملك عبدالعزيز في إطار بداية نشاطها الجديد، وذلك قبل رئاسته مجلس إدارة الدارة". وتابع: "جاء اهتمام الملك سلمان بتلك الندوة تعبيراً عن رؤيته الثاقبة لخدمة التاريخ ومصادره من خلال الدارة، كونها مؤسسة وطنية أوكلت إليها تلك المهمة. وفي عام 1411ه "1991" رفع الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان ولياً للعهد، إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بما لاحظه عن دارة الملك عبدالعزيز وحاجتها إلى التطوير، واقترح أن يوكل ذلك إلى الملك سلمان وتكون الدارة تحت إشرافه. وفي 28 من ذي الحجة 1417ه ط5-5-1997" صدر قرار مجلس الوزراء بإعادة تشكيل مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتدخل الدارة مرحلة جديدة مملوءة بالنشاط والعمل ضمن إطار أهدافها. كما أعلن الملك سلمان عن دعم الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - لصندوق الدارة بمبلغ 20 مليون ريال، ليكون دافعاً للأمراء والمؤسسات الوطنية لدعم هذا الصندوق المخصص لأنشطة الدارة العلمية". واستطرد السماري: "في 19 من المحرم 1418ه "25-5-1997" ترأس الملك سلمان مجلس إدارة الدارة الأول بعد صدور التوجيهات السامية بإعادة تشكيله، وحدد إطاراً عاماً للمرحلة الجديدة، يأخذ في الحسبان تحقيق أهداف الدارة، والعمل بشكل متواصل لخدمة التاريخ الوطني، والتعاون مع الجميع. ووصف الدارة بأنها بيت الجميع من باحثين ومهتمين ومواطنين. وأصبحت الدارة اليوم برعايته من المؤسسات الوطنية النشطة والمنجزة والفاعلة. والتقت هذه المسؤولية الإدارية مع اهتمامه الشخصي بالتاريخ الوطني، لينتج من ذلك نجاح مميز للدارة وأعمالها وبرامجها العلمية. وأرسى دعائم مسيرة الدارة الجديدة من خلال إشرافه المباشر على أعمالها، والمتابعة والتوجيه، وحث الجميع على التعاون معها. وتواصلت الإهداءات للدارة من كتب ووثائق ومواد ومقتنيات تاريخية مهمة، ليعلن للجميع أهمية دعم هذه المؤسسة التي أصبحت مرجعاً ومصدراً للمعلومة التاريخية الوطنية. وفي عام 1417 ه "1997" أعلن عن احتفال المملكة العربية السعودية بمرور 100 عام على تأسيسها وتوجيه الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- وولي عهده آنذاك الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، والنائب الثاني آنذاك ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - بتكوين لجنة عليا للاحتفال برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز. وبناء على الرؤية السديدة للملك سلمان بن عبدالعزيز، ركزت المناسبة على أعمال مفيدة علمياً ومعمارياً، إذ رعى الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- احتفال المملكة بمرور 100 عام على تأسيسها في 5 من شوال 1419ه "22-1-1999"، وافتتاح مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، القلب النابض بالتاريخ والتراث على أرض المربع التاريخية. كما افتتح الملك سلمان مؤتمر المملكة العربية السعودية في 100 عام، الذي ألقيت فيه نحو 200 بحث ودراسة عن شتى الجوانب المتعلقة بالمملكة". .. وصديق الإعلاميين ومطور رسالتهم أبها: الوطن في لقاءاته الشخصية معهم، وفي المؤتمرات الصحفية، وكذلك في ردوده الإعلامية عليهم، عُرف عن الملك سلمان بن عبدالعزيز بأنه صديق وأخ للإعلاميين، وناقد مباشر وصريح لما يصدر عن الإعلام من أخبار. ويعد الإعلام مصدرا رئيسا من مصادر المعرفة اليومية للمجتمع، ولذلك فخادم الحرمين الشريفين يحتك بالإعلاميين مباشرة ويتواصل معهم من دون حواجز وبشفافية تامة، وكذلك فهو يقف معهم في الأزمات، ويرشدهم ويناقشهم، وعرفت عنه قراءة الصحف اليومية، ومتابعة المفيد منها والثناء على الجيد فيها والاستفسار عن المواضيع التي تثير جدلا أو قضية. ووجه الملك سلمان بتخصيص حي للمؤسسات الصحافية في الرياض وتسميته بحي الصحافة. كما ساند الصحفيين في بدايات مشوارهم العملي ووقف معهم في أزماتهم المختلفة، فيما أسهم في تطوير المسارات الإعلامية والارتقاء بالعمل الصحفي وتحسين المضمون، كي يصبح الإعلام ذراعا مهما لخدمة الإنسان ووعيه.
نهضة شاملة للتراث تحت إشرافه واهتم الملك سلمان بن عبدالعزيز بالتراث والتاريخ وتمثل ذلك في افتتاح المتحف الوطني للآثار والتراث، الذي يعد أول متحف للآثار في المملكة في 21 من المحرم 1398. جاء اليوم الذي انتقل فيه هذا المتحف من موقعه المتواضع وإمكاناته اليسيرة إلى متحف عالمي وبمواصفات راقية، في عام 1419ه "1999" في المربع، ضمن منظومة مركز الملك عبدالعزيز التاريخي. كما رعى افتتاح أول معرض فني في تاريخ المملكة العربية السعودية بدار الكتب الوطنية في الرياض التابعة لوزارة المعارف آنذاك في عام 1396ه (1976). اهتم بالمؤرخين والدراسات التاريخية، وقبل دعوة أعضاء الجمعية التاريخية السعودية في 22 من ذي القعدة 1422ه "4/2/2002" بأن يكون رئيساً فخرياً للجمعية. كما رعى اللقاءات العلمية الخاصة بجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي، والجمعية الجغرافية لدول مجلس التعاون الخليجي. وامتداداً لرعاية الدولة السعودية للحرمين الشريفين وخدمة زوارهما، أيقن بأهمية إعداد موسوعة متكاملة عن الحج والحرمين الشريفين وفق منهج علمي شامل، فصدرت الموافقة الكريمة على قيام دارة الملك عبدالعزيز بتولي تنفيذ هذا المشروع العلمي المهم، بإسهامات قطاعات معينة أخرى، وتولى مهمة الإشراف عليها. استمراراً لهذا النهج كان قرار مجلس إدارة الدارة برئاسة الملك سلمان في عام1429ه "2008" بإنشاء مركز تاريخ مكةالمكرمة لخدمة تاريخها، واستظهار ودراسة التبادل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والمدني وغيرها، بينها من جهة وزوارها من مختلف المجتمعات من جهة أخرى، وتأثيرها في التاريخ البشري، ويتولى رئاسة مجلس إدارة المركز الواقع في مكةالمكرمة. لأهمية رعايته لمركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة، قرر مجلس نظارة المركز في عام 1432ه أن يكون الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيساً لمجلس نظارة المركز، وأن تشرف الدارة على أعمال المركز العلمية والإدارية. وضمن اهتمام الملك سلمان بتاريخ المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، وافق على إطلاق اسمه على الكرسي العلمي الذي بادرت جامعة الملك سعود بتأسيسه عام 1430ه "2009"، ليهتم بتاريخ الجزيرة وحضارة الجزيرة العربية والتاريخ السعودي، ليكون اسمه "كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية) ومقره دارة الملك عبدالعزيز، ووقّعت الجامعة مع دارة الملك عبدالعزيز اتفاقاً لدعم مسيرة هذا المنبر العلمي، وتعميق دوره في خدمة شؤون التاريخ والحضارة.
اهتمام بالمعرفة والثقافة منذ نعومة الأظفار اهتم الملك سلمان بن عبدالعزيز بالقراءة وهو في صغره وتواصل ذلك إلى اليوم، إذ أصبحت القراءة من أهم العناصر في برنامجه اليومي. والمطلع على مكتبة الملك سلمان الخاصة يجد أنها من أهم المكتبات، لاحتوائها على مصادر ومراجع متخصصة في الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية وأمهات الكتب في العلوم الشرعية واللغوية. ولا أدل على حرصه على الثقافة من ترؤسه مشروع إنشاء مكتبة في الرياض لتكون مكتبة وطنية، بدأت فكرتها لديه وأيدها رجال الأعمال في الرياض، لتكون هدية أهالي الرياض للمملكة بمناسبة احتفاء الرياض بتولي الملك فهد -رحمه الله- مقاليد الحكم. وأصبحت هذه المكتبة (مكتبة الملك فهد الوطنية) منارة للعلم والتوثيق الوطني، لما تصدره من نتاج فكري سعودي في أنحاء البلاد. وفي مناسبة أخرى للاحتفاء بعودة الأمير سلطان بن عبدالعزيز –رحمه الله- من رحلته العلاجية، وجّه الملك سلمان بأن يكون احتفاء أهالي الرياض من خلال منجز ثقافي وعلمي جديد، وهو تأسيس جامعة باسم الأمير سلطان تشرف عليها مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم. ولأن الثقافة السعودية حاضرة في ذهن الملك سلمان دائماً، فقد عمل على نقلها والتعريف بها خارج حدود الوطن. ومن هنا جاءت فكرة معرض "المملكة بين الأمس واليوم" الذي طاف أرجاء كثيرة من كبرى مدن العالم، منها واشنطن ولندن ومونتريال وباريس والجزائر والقاهرة وكولون وغيرها. ويحظى المثقفون والمؤلفون بدعم الملك سلمان من خلال تشجيعه لهم وطباعة كتبهم على نفقته الخاصة.