يشهد مهرجان جدة التاريخية مشاركة عشر مهندسات سعوديات من جامعات الملك عبدالعزيز وعفت والحكمة، في سرد روايات وقصص وأسرار جمال البيوت الحجازية ذات الرواشين القديمة لزوار مهرجان المنطقة التاريخية. وقال عضو لجنة السلامة في المجلس البلدي بجدة المهندس طارق شلبي إن المهندسات سيروين للزوار تفاصيل وجمال وأسرار البيوت الحجازية القديمة، التي مرت بنقاط تحول مهمة بعد الترميمات التي تمت عليها ضمن المبادرات التي نفذت لتحسينها وتطويرها، لتدخل منظومة النهج العلمي والهندسي. واستحضر شلبي توجيهات خادم الحرمين الشريفين بتطوير وترميم وتحسين مباني المنطقة التاريخية، مشيرا إلى أن المباني قوية وتعمل بكفاءة وقد يصل عمرها إلى 1000 عام كمسجد الشافعي الذي ظل شامخا مدة 700 عام، مشيرا إلى أن كثيرا من البيوت الشامخة بالمنطقة التاريخية تحتضن فنا وعلما، وأثبتت الأنظمة الإنشائية أنه من الممكن فك وتركيب هذه البيوت وإعادة استخدامها كونها تمثل إرثا ثقافيا ثريا ذا قيمة معرفية، داعيا إلى استنساخ تجربة المباني التاريخية في البيوت الجديدة لمعرفة أسرار وفنون البيت الحجازي. من جهتها، قالت المهندسة الدكتورة إيمان بدر إن قصة العمارة في مدينة "جدة القديمة" ملحمة جمالية ذات عناصر مميزة ودلالات حاضرة عن مدى عراقة هذا المجتمع وما يتمتع به أبناؤه من براعة الصنعة وحس ذوقي رفيع، كما مثلت موطنا من مواطن الثراء الفني لأعمال الزخرفة والأساليب الفنية للخشب بالحجاز، ويمثل الشكل المعماري لمدينة جدة القديمة محصلة لتراث معماري عريق. وذكرت المهندسة إيمان باعبدالله بأن التراث المعماري لجدة القديمة تأثر بحضارتي الساسانيين والعثمانيين، وأن بيوت جدة داخل السور وحتى السبعينات من القرن ال14 الهجري متراصة في غالبيتها ويظلل بعضها بعضا للتخفيف من حرارة الشمس، كون تخطيط المدينة القديم يتماشى مع حاجة السكان والظروف الجغرافية والمناخية. وقالت المهندسة تسنيم سمرقندي إن واجهات مباني جدة التاريخية ذات طراز واحد أو اثنين على الأكثر، وتحدد الواجهات حجم وعدد الرواشين بكل بيت، ومن المعروف أن الشبابيك تعد منفذا للهواء والتنفس والفرجة والمراقبة، إضافة إلى أن السكان كانوا يضعون فيها شراب الماء في "القلل" التي توضع على قاعدة خشبية مخصصة تسمى "المرفع". وأشارت المهندسة غفران محبوب إلى إن أحجار البناء كانت عادة من حجر الكاشور، وهو الحجر المنقبي "الحجر الجيري المرجاني" الذي كان يستخرج من الرصيف الصخري المرجاني الضحل لساحل البحر الأحمر في موقعين هما شمال بحر الأربعين "النقبة" وعند شاطئ الرويس "حي الرويس حاليا"، إذ كانت الملاحات لاستخراج ملح الطعام، وأن بديل الأسمنت كان الطين الأسود اللزج المستخرج من قاع بحر الأربعين "بحر الطين"، كما كان يستخرج أيضا نوع قوي من الحجر الرفادي يعرف بالحجر البحري ويستخدم في بناء البديل.