في الوقت الذي شرعت به الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بنقل المصانع جنوب العاصمة إلى المنطقة الصناعية، بهدف معالجة القضايا البيئية الحرجة، تجاهلت الهيئة عشرات المصانع الواقعة شرق الرياض بحجة عدم وجود توجيه رسمي في هذا الشأن، وفي الوقت ذاته، خاطب المجلس البلدي لمدينة الرياض أمانة المنطقة لإزالة المصانع والكسارات الواقعة شرق العاصمة إلا أن الأمانة لم ترد على مطالبات المجلس المتكررة بإزالتها. وأوضح مدير التخطيط البيئي والمرافق بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المهندس إبراهيم الشايع في تصريح إلى "الوطن" أنه على الرغم من تكرار الشكاوى التي تصل إلى الهيئة من سكان شرق العاصمة الرياض من تلك المصانع إلا أنه لم يصدر توجيه بإزالتها، قائلا "في حال صدر التوجيه ستقوم إدارة التخطيط البيئي بدرس وضع المصانع والرفع بتوصياتها". وأكد الشايع أن الهيئة تعمل مع أمانة الرياض حاليا على نقل المصانع الموجودة جنوب مدينة الرياض إلى المنطقة الصناعية. ***عدم تجاوب وفي السياق ذاته، عبر عضو المجلس البلدي لمدينة الرياض عبدالرزاق العنزي عن استيائه من عدم تجاوب أمانة الرياض ووزارة التجارة للشكوى التي رفعها المجلس منذ نحو عام، تطالب فيها بإزالة المصانع المنتشرة على جانبي المدخل الشرقي للعاصمة، لافتا إلى أن المجلس لم يتلق أي رد على خطاباته يفيد بتحرك الأمانة أو وزارة التجارة تجاه شكوى المجلس. وأضاف العنزي أن المصانع الواقعة شرق العاصمة الرياض غير نظامية ولا تمتلك تراخيص من أمانة الرياض، مشيرا إلى أنها تشكل تهديداً كبيرا على صحة الإنسان والبيئة، مبديا استغرابه الشديد من السماح للمصانع بالعمل حتى هذه اللحظة، بل إنه يتم إنشاء مصانع جديدة غير مرخصة. ***مدخل لا يليق بالعاصمة ووصف العنزي في تصريحه إلى "الوطن" المدخل الشرقي للرياض بالسيئ ولا يليق بها كونها العاصمة، عادا ذلك إهمالا واضحا من قبل الجهات المعنية بعدم الاهتمام بتطويره، لافتا إلى وجود أكوام من المخلفات على جانبي الطريق ونفايات يتم إحراقها بشكل بدائي وتسبب مخاطر على صحة الإنسان وبيئة المنطقة. وطالب عضو المجلس البلدي بضرورة أن تتعامل جميع الجهات المعنية بجدية وحزم تجاه كل ما فيه ضرر للإنسان والبيئة بشكل عام، ووضع حد للمصانع غير النظامية بشرق الرياض، وإصدار قرار فوري بنقلها. ***عبثي من جانبه، وصف الخبير في الشؤون البيئية الدكتور محمد الطياش وضع المصانع والكسارات الموجودة شرق مدينة الرياض ب"العبثي"، قائلاً: يستحيل أن تبنى التنمية على حساب صحة المواطن". وأضاف الطياش أنه في السابق لم تكن هناك أنظمة تشرع عمل المصانع التي لها تأثيرات على البيئة، مبيناً أنه في الوقت الحالي هناك أنظمة وقوانين بهذا الشأن، واشتراطات بيئية ونظام يسمى ب"دراسة تقنين الأثر البيئي"، مطالبا في الوقت ذاته بعدم الترخيص لأي مصنع قبل توافر الاشتراطات البيئية، مستغربا عدم قيام الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بدورها في تنظيم ومراقبة عمل المصانع والكسارات التي لها تأثير سلبي على البيئة. ***إهمال وفي المقابل، يرى أهالي أحياء "النظيم، والجنادرية، والندوة بشرق العاصمة الرياض أن عدم حل معاناتهم والأضرار التي لحقت بهم من وجود تلك المصانع إهمال واضح من الجهات المعنية، وتجاهل لمشاكلهم، كونهم طالبوا كثيراً بإيجاد حلول للمشاكل البيئية التي تتسبب بها تلك المصانع، بالإضافة إلى تعرض أبنائهم لحوادث السير بسبب مرور الشاحنات التابعة للمصانع". ويقول عبدالله سمير العنزي - من سكان شرق الرياض-، إن المصانع الموجودة شرق الرياض تشكل تهديد خطيراً على صحة الإنسان والبيئة، بسبب الدخان والأبخرة الناتجة منها، وأن أمانة منطقة الرياض لم تكلف نفسها بمراقبة وتنظيم عمل هذه المصانع، مطالباً الجهات المختصة بالتفتيش على تلك المصانع التي من الممكن أن تكون تمارس عملها دون ترخيص، وأشار إلى أن أعداد المصانع والكسارات أصبح هائلاً، والكثير منها غير نظامية وتعمل بدون ترخيص وهناك مخالفات وملاحظات كثيرة عليها. واتفق عبدالرزاق الرويلي - من سكان النظيم - مع العنزي في المضار التي تهدد صحة الإنسان والبيئة من تلك المصانع، مؤكد أن في وجود مثل تلك المصانع بالقرب من الأحياء السكنية إهمالاً صريحاً من الجهات المعنية بسبب عدم نقلها إلى المنطقة الصناعية كما فعلت الأمانة مع مصانع جنوبالرياض. ***كارثة بيئية أما عضو مجلس الحي التطوعي بالنظيم أحمد الفدعاني فقد وصف المصانع المنتشرة بالقرب من مدخل الرياض الشرقي ب"الكارثة البيئية"، مبيناً أن تلك المصانع سيكون لها تأثير سلبي كبير يهدد البيئة وصحة سكان أحياء شرق الرياض. ولفت الفدعاني إلى أنه تواصل شخصياً مع أمين منطقة الرياض السابق المهندس عبدالله المقبل، وقدم له شرحا مفصلا بالصور عن الوضع الفوضوي للمصانع والكسارات المنتشرة على مدخل مدينة الرياض الشرقي، وزيادة أعدادها بشكل كبير في السنتين الماضيتين، والآثار البيئية والصحية المترتبة على بقائها بالقرب من الأحياء السكنية، وأكد أن الأمين السابق وعد بإيجاد حل سريع للمشكلة، وهو ما لم يحدث ولم يتم أي إجراء تجاه المصانع والكسارات شرق الرياض، وطالب الفدعاني في ختام حديثه بالتعامل بجدية من قبل الجهات المعنية مع مشكلة المصانع الموجودة على المدخل الشرقي، على قرار تعاملها مع المصانع والكسارات الموجودة جنوبالرياض، التي صدر بها قرار بإقفالها ونقلها من موقعها في المدخل الجنوبي بالقرب من النطاق العمراني إلى داخل المدن الصناعية. الأمانة أقفلت مرمى مخالفا حفاظاً على البيئة وتستبدله ب"حفرة كسارة" مجاورة وفي جولة ل"الوطن" على جانبي امتداد طريق خريص - المدخل الشرقي للرياض - رصدت بالصور تشغيل مرمى جديد لمخلفات البناء، لا يبعد عن مرمى النفايات السابق سوى 200 متر تقريبا، وكانت الأمانة أعلنت العام الماضي إغلاقه بشكل نهائي لتأثيره الخطير على البيئة والتربة والمنطقة المجاورة له، مما وضع أكثر من علامة استفهام عن سماح أمانة الرياض بافتتاح مرمى مخلفات بالقرب من موقع المرمى المقفل، إضافة إلى أن المرمى الجديد هو عبارة عن حفرة عميقة جداً في أحد مقالع الحجارة.