صدر خلال العام 1434، للباحث الدكتور صالح أبوعراد كتاب علمي يؤرّخ لمسيرة الأدب والعلم والثقافة في محافظة (تنومة بني شهر) بعنوان: "مسيرة الحركة الثقافية في تنومة بني شهر" 1370 - 1433 في 240 صفحة من القطع المتوسط. وكما يُلاحظ في العنوان، فإن المجال الزمني الذي مسحه المؤلف في الدراسة محدود جداً، إذ إنه لا يتجاوز 63 سنة، وهو ما من شأنه أن يمنح العمل جدية وعمقاً وتميزاً، ذلك أن التاريخ الثقافي والبحث الحضاري في تطور الظواهر الأدبية والعلمية والثقافية بقدر ما يضيق مجاله الزمني بقدر ما تكون الدراسة علمية ومفيدة وشاملة لدقائق الحياة العلمية والأدبية، ودالة على خصائصها، ومثّل الكتاب منهجاً صارماً له استقطب طريقته في جمع المادة وهذا بدليل قوله: "ولاسيما إن طبيعة الأعمال التوثيقية تحتاج دائماً إلى مزيد من التدقيق والتنقيح والاستدراك"، ثم إن فصول هذا الكتاب جاءت نتيجة جمع وتنقيب استمر لمدة زمنية طويلة، يقول عنها المؤلف: "أُقدم للإخوة القرّاء في كل مكان، وللإخوة القراء من أبناء تنومة بني شهر... هذا الكتاب الذي حرصت على جمع مادته العلمية والمعرفية والوثائقية منذ أكثر من 10 سنوات مضت". ثم إن اختيار هذا الموضوع ليس مجرد التزام ذاتي، وإنما وكما وضّح ذلك المؤلف قائلا: "إن المتتبع لمسيرة الحركة الثقافية في تنومتنا الزهراء لابد أن يقف منبهراً أمام تعداد المراحل التي اشتملت عليها هذه المسيرة الثقافية الزاخرة بالكثير من المنجزات الثقافية المتنوعة التي تحققت". رصد أبوعرّاد التكوّن التاريخي لمجمل البناء الثقافي الذي عرفته تنومة في الستين سنة الأخيرة، وقد استنتج في هذا المجال أن الحركة الثقافية التي تشهدها مدينة تنومة، وخصّ هذه المرحلة بالقسم الأول من مؤلّفه، وقد جاء بعنوان مرحلة الثقافة الاجتماعية المتوارثة ما قبل 1370. وبيّن المؤلف جوانب من ثراء هذه المرحلة، وفي هذا السياق وضع المؤلف ترجمة علمية للشيخ عبدالرحمن التنومي الملقّب بجدعان، كذلك وضع ترجمة للشيخ عبدالله أبوعيون، والشيخ عبدالله حُوبه، والشيخ عايض لاقي، والشيخ عبدالكريم عبدالرزاق، وغيرهم. وجاء الفصل الثاني بعنوان: "مرحلة ما قبل التعليم النظامي 1370 - 1375، والفصل الثالث مرحلة بدايات التعليم النظامي 1375 - 1389"، والرابعة مرحلة ازدهار أوليّ للحركة الثقافية 1389 - 1402، والخامسة مرحلة التواصل الثقافي المنظم 1403 - 1422، والسادسة مرحلة الازدهار الثاني للحركة الثقافية 1423 -1432، والسابعة مرحلة الطموح والتحدي، وهي التي تنطلق من 1433 ولا تزال مستمرة إلى الآن. يذكر أن المؤلف استعرض تلك المراحل وضمّن كتابه لوحة جميلة اشتملت على صور وأسماء حملة شهادة الدكتوراه من أبناء تنومة الزهراء ذكوراً وإناثاً، والذين بلغ عددهم (38) دكتوراً، ثم خصص الجزء الأخير من كتابه للحديث عن اثنينية تُنومة الثقافية. وأخيراً، جاءت الخاتمة التي أوضح فيها المؤلف أنه يتوقع أن يكون هناك بعض النقص فيما قام بكتابته ورصده وتدوينه؛ إلا أنه يترك مسؤولية استكمال ما قد يكون من النقص أو التقصير لإخوانه الأفاضل من أبناء تُنومة ومثقفيها في قادم الأيام. * عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الإنسانية في جامعة الملك خالد.