واصلت ( اثنينية تُنومة الثقافية ) نثر إبداعاتها الثقافية في موسمها ( العاشر ) من خلال اللقاء الثاني الذي تم مساء الاثنين الماضي بلقاءٍ تاريخيٍ تُنوميٍ طالما انتظره كثيرٌ من المعنيين بالدراسات التاريخية عن المنطقة . كان عنوان اللقاء : ( أضواءٌ على شخصية الأمير التُنومي محمد بن دهمان الشهري ) ، وقد بدأ في العاشرة ليلاً بكلمةٍ ترحيبيةٍ للمشرف على الاثنينية الدكتور / صالح أبو عرَّاد حيّا فيها الحضور ، وخص بالترحيب ضيوف اللقاء وسعادة الأستاذ الأديب الكبير / حسين بن ظافر الأشول الكاتب والأديب والمثقف المعروف ، والعضو المؤسس لمجلس إدارة النادي الأدبي في أبها سابقًا . ثم أشار إلى أن عنوان اللقاء جاء مقصودًا إذ إن تسمية الأمير محمد بن دهمان بالأمير التُنومي ينطلق من كونها تسميةٌ تُفيد الخُصوص الذي يدُل على العُموم ؛ فابن دهمان تُنوميٌ شهريٌ حجريٌ أزدي ، ومن المعلوم أن كل تُنوميٌ شهريٌ ، وليس كل شهريٍ تُنومي . كما أشار إلى أن اختيار شخصية ابن دهمان لتكون محور الحديث في الاثنينية راجعٌ إلى أنه ( رحمه الله تعالى ) كان رمزًا من رموز بلادنا ، وعلمًا من أعلام المنطقة ، وهو شخصيةٌ تاريخيةٌ قياديةٌ عُرفت في أواخر القرن الثاني عشر الهجري والنصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري ، وأنه كان من كبار مؤيدي الدعوة السلفية ، ومن أُمراء الدولة السعودية الأولى الذين أسهموا في نشر الدعوة السلفية الصحيحة والدفاع عنها بصدقٍ وإخلاص . ثم عرّف بضيف اللقاء الأول وهو العميد الركن المتقاعد / علي بن شايخ بن محمد البكري أحد الباحثين المهتمين بدراسة القضايا التُراثية والموروث الشعبي ، وهو من مواليد مدينة النماص عام 1359ه وقد أكمل تعليمه العام ثم التحق بكلية الملك عبد العزيز الحربية وتخرج منها برتبة ملازم عام 1382ه والتحق بعدها بكلية القيادة والأركان وحصل على درجة الماجستير عام 1395ه . وقد خدم في السلك العسكري متقلدًا للعديد من المناصب حتى أحيل إلى التقاعد عام 1412ه . وله العديد من الأبحاث العلمية في المجال العسكري إضافةً إلى الجوانب التاريخية التُراثية التي كان آخرها : =كتاب الأمير محمد بن دهمان الشهري ودوره في بسط نفوذ الدولة السعودية الأولى إلى بلاد بني شهر . = كتاب دراسات من تاريخ بكر بن وائل قديمًا وحديثًا . = كتاب بلاد بني شهر ( قبائلها وقُراها ) . وفي ختام تقديم المشرف على الاثنينية دعا الضيف إلى المنصة ومعه سعادة العقيد المتقاعد / محمد بن فرّاج بن سامرة . كانت بداية الحديث للعميد / علي بن شايخ الذي بدأ باستعراض لمحةٍ تعريفيةٍ سريعةٍ عن الأمير محمد بن دهمان بن خطّاف الشهري أحد أبناء قبيلة ( آل الصعدي ) في تُنومة ، والتعريف بسيرته ، مشيرًا إلى مكانته التاريخية سواءً بين قبائله ، أو عند أئمة الدولة السعودية الأولى ، ومستعرضًا لدور الأمير بن دهمان في نشر الدعوة السلفية ، ومشاركته وقبيلته بني شهر في الدفاع عن الدعوة السلفية في عهد الدولة السعودية الأولى في الدرعية مؤكدًا أن مواقف بن دهمان في هذا الشأن كانت ماديةً ومعنوية . وقد ذكر الضيف أن ابن دهمان قد توفي حسب ما تُشير إليه بعض الروايات عام 1260ه . انتقل الحديث بعد ذلك إلى العقيد المتقاعد / محمد بن فراج بن سامره الذي أثنى على ما قام به الباحث من جهودٍ تُذكر فتُشكر ولاسيما في ما يخص جمع المعلومات التي تُعد نادرةً وربما كانت غير معروفة ، وأشاد بما يتمتع به الباحث من الصير والجلد والحرص على تقصي المعلومات وتدوينها . كما أشار إلى جانبٍ مهم يتمثل في عدم وضوح بعض الحقائق الواردة في مجمل الحديث عن شخصية بن دهمان ، مؤكدًا أن ذلك راجعٌ إلى ندرة المصادر التاريخية والحاجة إلى المزيد من الدراسة ولاسيما فيما قد تشتمل عليه المخطوطات القديمة سواءً في الداخل أو الخارج . عاد بعد ذلك العميد / علي بن شايخ ليتحدث عن أهم وأبرز الدوافع للبحث في شخصية بن دهمان مُشيرًا إلى أن من أهمها عدم معرفة العديد من الكتاب والمؤرخين المعاصرين وتجاهلهم المقصود أو غير المقصود لهذه الشخصية ولدورها القيادي والتاريخي فيما كتبوه ، والأخطاء الكبيرة التي وقعوا فيها في هذا الشأن . ثم ألقى العقيد محمد بن فراج القصيدة المشهورة المنسوبة للأمير محمد بن دهمان والتي رثا فيها ابنه ناصر الفارس الشجاع الذي وقع في الأسر وما ترتب على ذلك من الفقد والألم والأسى الذي أصاب ابن دهمان . الجدير بالذكر أن اللقاء قد حظي بالكثير من المداخلات والتساؤلات والرؤى التي شارك بها كلاً من : الدكتور / عبد الله بن حسين المطيور ، والأستاذ / ظافر بن فهران ، والأستاذ / عبد الرحمن التنومي ، والأستاذ / ناصر بن ظافر بن فراج ، والدكتور / زهير بن عبد الله ، والأديب سعيد الطنيني ، والأستاذ / سعيد الفقيه . وكانت في مجموعها تؤكد على أهمية الموضوع ، والحاجة الماسة إلى زيادة البحث والدراسة في تاريخ هذه الشخصية ومعرفة ظروفها وتداعيات الأحداث التي واكبت وجودها التاريخي زمانيًا ومكانيًا . وضرورة العودة إلى الوثائق سواءً باللغة العربية أو غيرها كالوثائق التركية ، كما أشارت بعض المداخلات إلى ضرورة وأهمية تشجيع الباحثين والدارسين في جامعاتنا لمزيدٍ من العناية بتسليط الضوء على تاريخ هذه الشخصية من خلال رسائل الماجستير والدكتوراه ونحوها وقبل الختام تحدث الشيخ علي بن ظافر بن فرّاج آل دهمان ، وهو أحد أحفاد الأمير بن دهمان شاكرًا الجميع على ما قدموه من بحثٍ ودراسةٍ ومداخلاتٍ وإثراءٍ علميٍ وإعلاميٍ لهذا الموضوع الذي لاشك أنه جديرٌ بالعناية والاهتمام ، مؤكدًا أنه لا يزال في حاجةٍ إلى مزيدٍ من تسليط الضوء على مختلف الجوانب ذات العلاقة به وفي نهاية اللقاء قام الدكتور صالح أبو عرَّاد بتسليم الضيفين شهادات الشكر والتقدير على مشاركتهما ، كما تم التقاط بعض الصور التذكارية بهذه المناسبة .