عندما نقف على مسببات حالات العنف ضد المرأة، نجد أن السبب الأبرز يعود إلى تلك الرجعية التي ترى أن المرأة عنصر مخجل، ومعيب داخل المحيط الأسري، وأن أقصى مراحل التعليم التي يجب أن تصلها وتتقنها هي تعلمها أمور الطبخ والنظافة وإلخ. بينما وجودها أشبه بدمية تتشكل حسب المزاجية والرغبة، وذلك لأننا نتشبث ببعض من العادات والتقاليد التي تصنف المرأة ضمن النظام الأسري بالعنصر العالة الذي يجب التخلص منه مع أول طلب زواج دون العودة لحقها المشروع في الموافقة أو الرفض. تلك العادات والتقاليد ولدت في زمن افتقر للتعليم وعم فيه الجهل، ولم يعد وقتنا الحاضر ملائما لها، والمصيبة أن من يلجأ لها تمسكا كما يعتقد بموروث الآباء والأجداد وهذه حيلة الضعفاء الذين تنبني رجولتهم على انكسار المرأة ورضوخها لأنواع التسلط والاستبداد. نحن اليوم نعيش تحديا حقيقيا في كيفية ترسيخ المفاهيم والضوابط السليمة للتعامل الأسري الفعال والأكثر انسجاما بين مكونات الأسرة دون تمييز أو إقصاء وتفعيل الحوار كلغة ناجحة في التفاهم والتأقلم داخل البيت ليغذي التوافق الأسري ويعيق بوادر العنف. تلك النظرة الدونية للمرأة يجب أن تكون تلاشت بفعل التعليم وتطور النمط الاجتماعي والحداثة الفكرية والثقافية التي شكلت ملامح مجتمع أصبح أكثر وعيا وإدراكا للقيمة والمكانة اللتين تحظى بهما المرأة، ولعل زواج القاصرات هو أبشع ما أنتجته تلك العادات والتقاليد ووصمة عار على جبين من شجع على ذلك، فالمرأة لهؤلاء كائن عليه السمع والطاعة والتنفيذ، وحتى نتجاوز ذلك علينا مكافحة تلك العادات والتقاليد الشاذة.