إشارة إلى ما ورد في افتتاحية صحيفة الوطن المنشورة بالعدد 5196 تاريخ 29/2/1435 تحت عنوان (لطرد "داعش" من سورية.. سيناريو العراق هو الأفضل) والتي أشارت إلى تطبيق سيناريو طرد الدواعش من سورية على غرار ما حدث في العراق. السؤال الذي يطرح نفسه هل نجح التحالف الدولي في القضاء على دواعش العراق حتى يطبق هذا القضاء على دواعش سورية؟ غير أن المتابع للأحداث في العراق وسورية يشعر بخيبة الأمل للقضاء على شرذمة ملفقة من عرب وغيرهم تسمي نفسها دولة وهي لا تمتلك أي مقوم من مقومات الدولة، وإنما هؤلاء الدواعش يترقبون نقاط الضعف في مدن العراق وقراها فيغيرون عليها وينهبون من هذه المدن والقرى ما يستطيعون الحصول عليه من الأموال والأنفس البريئة ويسمونها سبيا، ولا شك أن لو قامت دولة العراق بواجبها كدولة لم يجد الدواعش مكانا فيها، غير أن الواقع الموجود الآن تقاعس دولة العراق عن الواجب المنوط بها لحماية أمنها وأمن مواطنيها، وفي ظل هذا الضعف وهذا التقاعس جاء الدواعش، حيث لم يجدوا قوة تردعهم عن فسادهم في الأرض وإخلالهم بالأمن، و"كلمة الوطن" المشار إليها سابقا أشارت إلى تطبيق سيناريو العراق على سورية، ويحق لي أن أسأل هل قضي على دواعش العراق وأزيل أثرهم من أرضه حتى نطبق السيناريو على سورية؟! يا عرب اقضوا على دواعش العراق أولا، ثم بعد ذلك ابدؤوا بدواعش سورية، وإذا فرضنا أن عندك عدوين وأنت لا تقدر على القضاء عليهما معا فماذا تفعل فهل تضرب هذا وتضرب هذا وكل واحد يرد عليك الضربة بمثلها وإلا تبتعد عن أحدهما وتتفرغ لواحد حتى تقضي عليه فإذا قضيت عليه تعود للآخر وتوجه قوتك إليه حتى تقضي عليه؟. الأحداث الجارية في العراق وسورية يصعب فهمها، وفيها أسرار لم تظهر أطرافها بعد، ولو أن الدول المتحالفة وجهت قوتها للقضاء على دواعش العراق وسورية لقضوا عليهم في أيام معدودة، غير أن هذه الدول المتحالفة التي تقودها أميركا، وأميركا تاريخها مع العرب يشهد بإطالة المشكلات والرغبة في إبقائها لحسابات وسياسات بعيدة المدى، ويشهد على ما أقوله قضية فلسطين التي بلغ عمرها 66 سنة، وهي لم تحل لأن أميركا هي الطرف الحامي لإسرائيل، وجاء العرب يريدون الدواء من الذي هو الداء بعينه، ولهذا على العرب الحذر من أي قضية تدخل فيها أميركا، فإذا لم يحل العرب مشاكلهم بأنفسهم فغيرهم أبعد عن الحل بعد المشرق عن المغرب، وهذا الأمر يتطلب الثقة بالنفس والاعتماد على الحل العربي الخالص بعيدا عن أي طرف خارجي، ومن المهم أن تقوم الجامعة العربية بدورها للحفاظ على الوحدة العربية، وتحيي موضوع الدفاع المشترك بين الدول العربية، وذلك لتكوين قوة عربية مشتركة من جميع أعضاء جامعة الدول العربية لمساعدة الدول التي تحتاج ضبط الأمن فيها، ولكن جامعة الدول العربية ما زالت تغط في نوم عميق لا ندري متى تفيق منه، نحن نعيش في مشكلات كثيرة والجامعة العربية لم تحرك ساكنا، ولكن من المهم أن تقوم دولة العراق بحماية المواطنين في مدنها وقراها بتكوين جيش وطني يقوم بهذا الواجب والأخذ على أيدي أي مخل بالأمن وتقديمه للعدالة، حتى لو أدت هذه الحماية إلى مساعدة الدول العربية لضبط الأمن في البلاد، والاهتمام بتسليح شباب المدن والقرى العراقية فهم أولى من سواهم لطرد الغرباء والدواعش عن مدنهم وقراهم. أما الموضوع السوري فمن المستحيل حله إلا عن طريق السوريين أنفسهم، فالسوريون لا تنقصهم معرفة مصيرهم ومعرفة مصالحهم ومصلحة وطنهم وإنما المشكلة تنحصر في النظام الذي يضرب شعبه، وإنني أذكر أنه وجه سؤال لبشار الأسد مضمونه لماذا تضرب شعبك؟ فأنكر وقال "اللي يضرب شعبه مجنون". عجبي لهذا البشار فمن الذي يطلق البراميل المتفجرة على المواطنين السوريين الأبرياء، طائرات من تقوم بهذا العمل؟ لا شك أن الشعب السوري يتعرض لمشكلتين، مشكلة من نظام ظالم، ومشكلة الدواعش مما جعل مشكلة السوريين أسوأ من مشكلة العراقيين بكثير، ولكن لا يمكن أن نهمل مبدأ نصر المظلومين على الظالم؟ غير أن قوات التحالف تركت بشار يقتل شعبه وتطارد شرذمة الدواعش، ولو رغبت أميركا في القضاء على بشار لأنهته في لحظات ولكن لأميركا حساباتها ومصالحها الظاهرة والباطنة، والخلاصة على العرب أن يعتمدوا على أنفسهم في حل مشكلاتهم بعيدا عن التدخلات الخارجية.