إلى طفلي ذي العشرين يوما: "هاك حبيبي وصايا! هاك حبيبي رزايا! هاك حبيبي بعض أنايا!" قد لا يُمد في عمري؛ لأغرس فيك ما أحب من خصال حميدة فهذا شأنك، وقد تبلغ رشدك وأنا تحت التراب ومازالت المعضلات الفكرية في وطنك عالقة أو معلقة. فإن وعيت حقك كفرد ومواطن متحضر؛ فكن مدركا لما أوصيك به: في بلادك حواجز كثيرة تدخلها، وتظل دون وعي منك تحميها وتدافع عنها؛ فتمرد عليها ما استطعت؛ فالقبائلية حاجز، والطائفية حاجز، والمذهبية حاجز، والعقائدية حاجز، والمناطقية حاجز.. إلخ.." وما أكثر الجدران التي سيلتطم بها رأسك لو رفعته قليلا"!! فتمرن جيدا على القفز من أعلى هذه الحواجز!. في عائلتك أو قبيلتك؛ سينشئونك على الفخر بها، فارفض. يحق لك أن تفخر بنفسك إن كان فكرك راقيا، وتعاملك وسلوكك حسنا. فبودلير يقول لك: "الأمم كمثل العائلات: ينشأ فيها الرجال العظام غصبا عنها". سيقال لك من بعض المتنطعين: "إن الغربيين سخرهم الله لنا ليخترعوا ويصنعوا ويرفهوا حياتنا ويطببونا" فكن حينها مع التغريب. فأحب الخلق لله أنفعهم لعباده، محاولا التفريق بعدل بين الغرب سياسيا، وما يفعله بمجتمعاتك؛ لتخلفها ككرة طائرة يتقاذفها، وبين الغرب على الصعيد الاجتماعي! واعلم أنك من أمة لا يعمل غالبيتها إلا بحنجرتها، ثم استأذن قبل فخرك من جدك أبي الطيب المتنبي، فأنت مازلت من أمة تضحك من جهلها الأمم!. وعلى شكل وجباتك السريعة تناول الدسم التالي بهدوء ما يلي: "إن أحببت وطنك فاعمل على إلغاء الحدود الفكرية التي تبعده عن الآخر!"، "عندما تكتب لا تعتقد أنك تقول الحقيقة، فقط كن متأكدا من أنك تبحث عنها!"، "لا تيأس، ولا تحبط، وإن كان لابد أن تعلي صوتك فغن، فليس الوجود سوى مكان فسيح للغناء!". "وكن كبيرا، فكما قيل "من أين للوطن أن يكون كبيرا بإنسان صغير؟"، "لا تطالب أحدا أن يعترف بحريتك قبل أن تعرف ما هي حدود الحرية أولا؟!".