لا يكاد يخلو يوم واحد وأنت تمر بشارع العطارين في الأحساء إلا وتشاهد أغلب الجنسيات الخليجية تتوافد على محال بيع القهوة "الحساوية" خلال شهر رمضان المبارك وتحديدا أيام عطلتهم الأسبوعية؛ ولعل رائحتها الزكية وطريقة إعدادها من أنواع زهرية وعشبية مختلفة جعلت صداها ينتقل إلى مجالس القطريين والبحرينيين والإماراتيين وغيرهم من مواطني الخليج فأغلبهم يشترونها كهدايا لأهلهم وأصدقائهم، وما يحمل كهدية في نظرهم لا شك أنه ذو قيمة ومنفعة تدخل الابتسامة وعلى امتداد العصور ظلت القهوة رمز الضيافة العربية والبدوية حتى تغنى بها الشعراء من البادية، مع منظر "الدلال" الذهبية المتربعة على الجمر الأحمر، وهي بذلك تعطي صورة شاعرية تتفتح معها قريحة الشاعر، ولا ينسى رجال البادية القصيدة الشعبية المرتبطة بها: "يا صبابين القهوة زيدوها هيل ... زيدوها للنشامى ورجال الخيل". "الوطن" قضت زهاء الساعتين في أحد محال بيع القهوة وسط مدينة الهفوف، وشاهدت ضيوفا خليجيين في محال البيع، وتعرفت على مراحل إعداد القهوة ابتداء من وضعها في "المحماس" الكبير إلى طرق الإعداد وجاهزيتها للشرب، وما تحتاجه من مهارة وخبرة في ذلك. وتحدث صاحب محل بيع القهوة إبراهيم علي الرمضان عن مصادرها التي تستورد منها، ومن تلك المصادر دولة اليمن وأثيوبيا "الحبشة" على شكل حبوب صغيرة خضراء، ثم يقومون هم في المحل بإعدادها وتهيئتها للبيع بعد أن تحمّس وسط آلة مخصصة لذلك تسمى "المحماس" وبالدرجة التي يريدونها هم إلى أن يتحول لون الحبات من الأخضر إلى البني الفاتح أو الغامق أو الأكثر من ذلك ثم تطحن حسب رغبة الزبون. ويضيف الرمضان: أن أنواع القهوة المستوردة هي خولاني ملكي، ويتم استيرادها من اليمن، وهناك أنواع برية وهررية وأم حبال، ويتم استيرادها من الحبشة، ولا تستغني القهوة عن إضافة حبات "الهيل" لها، والأخير يتم إنتاجه في دول مثل البرازيل والهند وأمريكا، ويتم استيراده عن طريق التجار من تلك الدول. وإلى جانب القهوة التي تمتاز برائحتها وطعمها الطيب تنتج المحلات المتخصصة في المنطقة بعض أنواع القهوة التي يتم استخلاصها من الشعير ولب القهوة ونواة التمر الذي يوفرونه من مصانع تعبئة التمور في الأحساء. وفي هذا الخصوص يقول الرمضان: إن قهوة نواة التمر وجدت إقبالا لها في الآونة الأخيرة من الجميع كونها ذات قيمة غذائية مفيدة وأثناء لقائنا به كان يظهر لنا مدى كثرة سؤال الزبائن له وطلبهم حول الاستطباب بأنواع القهوة وأنها وصفت لهم من أصدقائهم إلا أن إبراهيم يرفض التأكيد أو التعليق على ذلك خشية الوقوع في أشياء لا تحمد عقباها. وعن طريقة تحضيرها يؤكد الرمضان أنها تغلى في الماء مباشرة ثم توضع في "دلة" أخرى ويكون هو الأفضل، مع أن غالبية الأهالي يفضل شربها في دلات "رسلان" التقليدية الذهبية التي تمثل رمزا من رموز الضيافة العربية.