أرجع "شاعر" تراجع القصيدة الكلاسيكية "العمودية" في السعودية إلى ميل "النقاد" لقصيدة "التفعيلة"، على حساب القصيدة "العمودية"، وهو ما انعكس على لجوء كثير من الشعراء ل"التفعيلة". وقال الزميل الشاعر الشاعر عبدالهادي صالح في منتدى عبقر الشعري في نادي جدة الأدبي الذي كان ضيفه الرئيس أول من أمس، في سياق ما سماه بتطور القصيدة العربية على طبيعة الشعر: أن حركةَ الشعر العربي متقدمة، والشعرُ بالضرورة يواكبُ حياةَ البشر، وأنه كائنٌ متجدد ينتقل بانتقال الشعوب وطريقة تفكيرها وعيشها"، وأنه لا يجب الاستغراب من ولادة أشكال شعرية غير الشكل الكلاسيكي المعروف بالقصيدة العمودية"، ويبرر صالح ميل الشعراء لقصيدة "التفعيلة"، إلى حث النقاد على الكتابة بهذه الطريقة. إلا أنه يستدرك الأمر بشكل سريع ليضيف ما رآه أنه مهم وهو أن ذلك لا يعني دعوة لقطيعة القصيدة العمودية، بقدر ما للإرهاصات من دور حيوي، ساعدت على كسر واقعية الشكل العمودي وتقليدية مضمونه؛ لتخرج قصيدة التفعيلة كشكل شعري حديث، يمارسه الشعراء كفنّ من فنون الأدب العربي. وجاءت الأمسية حاملة بعض الإشكالات الفنية التي تؤثر بطريقة غير مباشرة على حركة للشعر محليا، منها اتهام صالح لبعض "فرقاء الشعر" بإيهام المتلقين والقراء في شكل ما يقدمونه من قصائد، وقال في هذه الجزئية تحديداً: "إن بعض شعراء القصيدة العمودية يحاولون إيهام القراء بأن ما يكتبونه هو قصيدة تفعيلة، رغم أن ما قام به الشاعر فقط، هو توزيع أبيات القصيدة على سطور الورقة"، لافتا إلى أن الاشتراطات الفنية لكلا القصيدتين، مختلفة تماماً. وتابع صالح الذي وصفه مشرف منتدى عبقر عبدالعزيز الشريف بقوله: "إن عبدالهادي صوت شعري لافت، وأعتقد أن حضور الأمسية الكبير يؤكد إلى ما ذهبت إليه من القول": الفرق بين الأشكال الشعرية الثلاثة التفعيلة وقصيدة النثر والعمودية، واضح وكل شكل له معاييره الخاصة في الكتابة، وهذا لا يخفى على الشاعر الذي يعي مفهومَ تلك الأشكال، والطرقَ المختلفة في كتابة كل شكل على حدة. القراءة النقدية لنصوص عبدالهادي صالح كانت حاضرة على طاولة الدكتور يوسف العارف، الذي وصف قصائد صالح بأنها تفاجئ القارئ، عند نهاية كل نص بما لا يتوقعه المتلقي، واستدل العارف بقصيدة "ومضة" في ديوان الشاعر الأول "انتظار الغيوم". الفنانة التشكيلية ليلى جوهر طالبت بتعضيد الحركة الشعرية المحلية، عبر إثارتها ضرورة فتح قنوات التواصل بين الشعراء والتشكيليين، من خلال تصميم أغلفة كتب الشعراء وإصداراتهم، باعتبار أن ذلك يعطي دلالات مهمة في مضمون النصوص التي يقدمها الشعراء. عدة نصوص شعرية ألقاها عبدالهادي صالح، في الأمسية، منها قصيدة "مناخ" التي يقول فيها: "والعائدونَ ببابِ المدِينة حَوَتْهُمْ حقائبُهم والحقائبُ أبقَتْ حضَانتَها للرَحِيل، وما كان للسَاكنينَ بِوادي القُرى غيرُ مأتمِهمْ، ومَا كَان للبَدو عادَ إلى البَدو والروحُ في سَفَرٍ لا تَعود هكذَا كُلَّما حَلَّ صيفٌ مَحاهُ الخَريف". ويقول في قصيدة "نص الخروج على الذاكرة": "هَذه المرَّةَ سأنَامُ عَلى وسَائدِ العُشْبِ، وودَاعةِ القَمَرِ، ونسَائمِ السَّحَرِ، و لنْ يكُونَ هنَاكَ مَوعدٌ لمواجَهةِ الأَلمِ أو اختِبارِ قُدرةِ الصَّبرِ وحُمَّى التَوقعاتِ، ولَا لكَشفِ الظُنونِ أو ابتِلاعِ قُرصِ الأسبرين". "لنْ يكونَ هناكَ أيُّ شَيءٍ سِوى تَأثيثِ رُوحِي وترتيبِ مَلامحِ جسَدي وصنَاعةِ ذكرَياتٍ سَعيْدة".