النفس البشرية عالم شاسع، تتخبط بداخله مشاعر ترضخ للاستجابات، للمثير، فتسبب تفاعلا عميقا بين أجزائه المتنافرة، وتفاصيله الدقيقة، وبين مجتمعه الذي يعيش ويؤثر به ويتأثر منه، ولكن يبقى الاحترام سيد الموقف، ويظل صامدا بكل شموخ واعتزاز، فيكون بكل فخر في قمة الهرم على مر العصور، فالاحترام لا يقتصر فقط على ما نشأنا عليه وتعلمناه، بل يفوق جميع معاني السمو بالنفس والرقي بالذات، والتصالح الداخلي، والسلام مع المجتمع، فأنا أحترمك هذا ليس فقط لأنك أكبر سنا، فالصغار أيضا لهم حق الاحترام، أن أحترمك هذا يعني أن احترمك أولا كإنسان ميزه الله عن سائر مخلوقاته، وخلقه في أحسن صورة، ورزقه العقل والفكر فقال تعالى: "كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون". أيضا أحترم فكرك وعقلك وأفكارك وكلماتك ووجهة نظرك، مهما كانت مخالفة أو مضادة لوجهة نظري. أيضا الاحترام لا يقتصر على ذلك فحسب، بل أن احترم مجتمعي، أحترم جميع الأديان والموروثات الاجتماعية والأشخاص والأعراق والعشائر والعائلات والألوان، فأنت لست بآلة كي تطلق الأحكام على من تريد؛ فالجميع بنظرك موسومون بالنقص أو ربما بالعيوب، لكن في الحقيقة هنالك فقط اختلاف بينك وبينهم ألا وهو الاحترام، فلو احترمت تلك الفروقات مهما كانت لتلاشت تلك النظرة الضيقة. بالطبع أنت ستواجه جميع تلك الشخصيات، فلكل إنسان وطن بداخله يعيش فيه، وتسود أفكاره وحكمه فيه، فيكون الحاكم والمحكوم في آن واحد، فجميعنا ننتمي إلى دواخلنا المختلفة، فبرغم الاختلاف لكن الاحترام ينظم كل شيء تحت سقف واحد يحكمه الاحترام أولا والتصالح، ثم السلام الداخلي للفرد، ثم بينه وبين مجتمعه. فيجب علينا تخطي جميع تلك الأفكار الرجعية النمطية الساذجة حتى نرتقي ونستطيع حل مشاكلنا، وأن نؤمن بوجود الاختلاف ونحترمه.