بعد فاجعة المجتمع بالحادث المروري المؤلم، الذي وقع لأسرة الدكتور إسماعيل البشري، جبر الله خاطرها ورحم موتاها، تجددت الفاجعة بحادث الدهس، الذي راح ضحيته اللواء عبدالرحمن الشبانة، تحت عجلات الطيش والرعونة. واليوم يبكي المجتمع من جديد هذا الراحل النبيل، الذي أفنى عمره في خدمة وطنه بكل التفاني والإخلاص، فماتزال تتردد في منطقة عسير مناقبه وحكاياته، حين كان مديرا للمرور فيها. ومن ذلك أنه ذات يوم، وأثناء تحركه بسيارته من موقف أمام محل في أبها كان يشتري منه غرضا، حدث أنه حكّ سيارة مجاورة لسيارته، فتوقف في انتظار صاحبها، ولما لم يظهر صاحب السيارة بعد طول انتظاره، ما كان منه إلا أن ترك ورقة تحت مَسّاحة الزجاج الأمامي، عليها اسمه وهاتفه، يقول فيها لصاحب السيارة إنه ينتظر اتصاله لإصلاح السيارة على حسابه، رغم أن "الخدش" كان بسيطا للغاية. كما تذكر له مساعيه الحثيثة، لأجل ازدواج طريق أبها خميس مشيط، بعدما تعددت الحوادث عليه مفردا. وعلى المنوال ذاته تابع الراحل عمله مديرا لشرطة منطقة نجران، ومن المؤكد أنه ترك فيها حكايات ومواقف على ذات النسق من النبل والإخلاص في عمله. شخصيا، عرفت الرجل عن قرب بحكم العمل، وبحكم الجيرة مع بيت الأسرة في أبها ردحا من الزمن، وكذا عرفته في رحلات خارج الوطن، حيث تبدو معادن الرجال، وكان يرحمه الله في كل أحواله نعم الرجل ونعم الرفيق. عزاؤنا فيك أيها الراحل النبيل، أنّا نحسبك عند الله جل وعلا شهيدا، فنعم الأجر والثواب ونعم الخاتمة. ومع إيماننا وتسليمنا بالقضاء والقدر، فإن الأمل مايزال يحدونا أن نحرص جميعا على حَقْن الدماء التي تراق في شوارعنا داخل المدن وعلى الطرق العامة، من جراء الحوادث المرورية التي تبلغ معدلات قياسية لا يبارينا فيها أحد.