أدت جموع غفيرة من المثقفين والأدباء والحجاج يتقدمهم وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، بعد ظهر أمس، صلاة الجنازة في المسجد الحرام في مكةالمكرمة على جثمان الأديب والمفكر ووزير الإعلام السابق الدكتور محمد عبده يماني، الذي وافته المنية في ليل الاثنين الماضي في مستشفى السعودي الألماني. وتم دفن الراحل في مقبرة المعلاة.ولم يمهل الموت يماني ليرى الكثير من أحلامه وقد تحققت في حياته، كأن يجد المرأة السعودية وقد تبوأت موقعاً مناسباً في هذا الوطن، إضافة إلى إسهامه الواضح في مسيرة التنمية. فقد كان في أكثر من مناسبة يردد عبارته الشهيرة «من المؤسف أن يعطل الجزء الآخر من المجتمع ولا نرى للمرأة مشاركة فاعلة في مختلف المواقع في هذا البلد». أو أن يرى صحيفة «الندوة» في مكةالمكرمة، والتي حرص عليها وحاول جاهداً أن يطورها وينهض بها بدعم من الأمير خالد الفيصل، وقد شكل فريقاً متخصصاً قبل رحيله يعيد تأسيسها بقيادة الدكتور فهد العرابي الحارثي، ليؤكد حضورها في المشهد الصحافي والإعلامي السعودي. ويرى مكة التي ولد فيها ونشأ على ترابها وقد تحقق فيها الكثير من المنجزات في مختلف المجالات. والذي يتابع مسيرة الأديب الراحل سيكتشف أن في كل محطة من محطات حياته، العديد من الإنجازات والمؤلفات، التي تزيد على 35 كتاباً بالعربية والإنكليزية، كما أن دوره بارز في تطوير وزارة الإعلام إبان توليه الوزارة في عام 1395، وتفانيه في تقديم المزيد من الرؤى والأفكار في سبيل تنمية هذا البلد، وقد ربطته علاقات صداقة مع الكثير من الأدباء والمثقفين في أنحاء العالم، وامتلك الصفات الحميدة والمزايا الإنسانية الرفيعة التي خلقت منه داعية إسلامي. وطاف الكثير من الدول في مختلف بقاع العالم في سبيل الدعوة والإرشاد، وأسهم في نشر الدين الإسلامي السمح. وكان الراحل يتمتع بروح عالية ومعنويات متفردة، حتى قبل وفاته بساعات في مجلس أمير مكة خالد الفيصل، ولم تخل أحاديثه أو ندواته ومحاضراته من الدعابة والفكاهة التي عرفها الجميع عنه. ولم يكن ليمر موته عابراً فقد نعاه عدد كبير من المثقفين والأدباء، واعتبروا أن رحيله خسارة كبيرة وخبراً مؤسفاً. وقال الشاعر فاروق بنجر: «لهفي عليه محبباً ومؤالفاً ومنار خير، كم أضاء مواقفاً أفضى إلى نور السماء، يحفه ذكر تنوره كريماً عاطفاً، فقد كان الراحل يعيش حياته متمثلاً قيم الحق والخير والجمال، فهو رجل الدولة الوزير السابق والأستاذ الجامعي والمربي والكاتب التنويري والداعية والمفكر الإسلامي والمحسن في أعمال البر والخير والإغاثة، فقد رعى طلبة العلم وحفظة القران وكان أمة في رجل رحمه الله رحمة واسعة وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان». عاصم حمدان: لم يكن رجلاً عادياً ووصف الدكتور عاصم حمدان الراحل : «بأنه لم يكن شخصاً عادياً فجهوده الكبيرة في خدمة الإسلام والأقليات المسلمة، وبخاصة في أميركا الشمالية والجنوبية وحبه الجميع، وقد ربطتني بالراحل علاقة صداقة امتدت إلى أكثر من 40 عاماً، وخطواته الجريئة إبان تولية إدارة جامعة الملك عبدالعزيز حينما كانت أهلية، فقد استطاع أن يحولها إلى جامعة حكومية وطور فيها الشيء الكثير، وضم إليها شطرها في مكة. واقترح فكرة أن تكون في مكة جامعة خاصة بها، وهي اليوم جامعة أم القرى. كما لا يمكن أن ننسى دوره الكبير عندما كان وزيراً للإعلام وكيف كان يحمي الكتاب والصحافيين، وهو أول من فعّل فكرة المؤتمرات الصحافية، وكان يهمه قبل وفاته رحمه الله أن يرى جريدة الندوة وقد عاد حضورها مع بقية الصحف الأخرى. وفي مجال الكتابة والإبداع فلابد من معرفة أن الدكتور محمد بدأ قاصاً وكتب «اليد السفلى» ثم كتب في سيرة الرسول عليه السلام، ودعا إلى التسامح والاعتدال والوسطية، التي يتبناها الإسلام وألف عدداً من الكتب المهمة والتي تعد مرجعاَ مهماً. رحم الله الدكتور محمد وغفر الله له، فقد خسرت البلاد علماً وشخصية تجاوزت المحلية إلى الدولية وعرفه الناس في أنحاء عدة من العالم». واعتبر عضو مجلس إدارة النادي الأدبي في جدة الدكتور يوسف العارف الراحل أباً ثقافياً مميزاً، بعدة مزايا في الأدب والفكر والدعوة «وهو رمز من رموز الثقافة في بلادنا وكان تواجده دائماً في مختلف المحافل الأدبية والثقافية، وكنت آخر مرة التقيته في حفلة تدشين كتاب الدكتور فهد العرابي الحارثي الجديد قبل أسبوع، فالدكتور يماني قاد مرحلة إعلامية في وقت مضى و شهد له العديد بالقدرات الكبيرة التي يمتلكها حتى آخر لحظة في حياته وندعو له بالرحمة والمغفرة». وأكد مدير جمعية الثقافة والفنون في جدة عبدالله باحطاب أن الراحل كان يحرص على أن يكون متواجداً في مختلف المحافل الثقافية والأدبية، «وأتذكر أننا دعوناه في مناسبات عدة، وكان أول الحضور على الرغم من كبر سنه واعتلال صحته، وهذه الشخصية يجب أن ننظر لها من زوايا عدة فهو رجل الدولة وهو الكاتب والمثقف وهو المفكر والداعية وأياديه بيضاء ويشهد له الجميع داخل وخارج المملكة». محمد سعيد طيب: خسارة فادحة واعتبر الأديب محمد سعيد طيب رحيل محمد عبده يماني خسارة فادحة، «فهو شخصية تجتمع فيه شخصيات عدة. إن أفعاله النبيلة وأخلاقه الرفيعة جعلت منه واحداً من الأدباء والمثقفين السعوديين، الذين شكلوا ظاهرة مختلفة داخل وخارج السعودية وبفقد الدكتور محمد خسر الوطن الرجل الإصلاحي والتربوي ورجل الدولة والمجتمع، وهو من أبرز من كان يدعو إلى الوحدة الوطنية. ويجب هنا أن أذكر بأنه كان من الحريصين على مكةالمكرمة في مختلف الميادين، وليس آخرها إعادة تأسيس صحيفة الندوة والتي وصلت إلى مراحل نهائية برفقة الدكتور فهد الحارثي، وقد حضرت معهم اجتماعات في هذا الشأن، وكان يمكن أن يشهد انطلاقتها بعد حج هذا العام فرحم الله الدكتور وألهم أهله الصبر والسلوان». في ما قال الدكتور عبدالله المعطاني: «إننا فقدان رمزاً من رموز الوطن، فقد كان محمد عبده يماني رمزاً للوفاء ورمزاً للثقافة والإخلاص وللعمل الجاد والحقيقي، فقد أخلص في عمله الجامعي والإعلامي ثم أخذ يمارس العمل الخيري ونشر الدعوة والاهتمام بالجاليات. وأتذكر أننا في جمعية حقوق الإنسان كثيراً ما يسألنا الدكتور عن أحوال الناس، ويفاجئنا باتصالاته كما كان يسأل عندما كنت عضواً في مجلس إدارة النادي الأدبي في جدة قبل 20 عاماً، حريصاً على العمل الثقافي الجاد. وقد كان وفيّاً مع ولاة الأمر ومع الناس، ولا يمكن أن نغفل الجانب الأدبي للراحل فهو القاص والروائي، الذي تعد مؤلفاته مرجعاً. لا شك أن رحيله خسارة كبيرة وليس موته موت رجل واحد، بل موت جموع من الناس فرحمه الله رحمة واسعة». فتيحي:مناقبه لا تعد ووصف الشيخ احمد حسن فتيحي فقدان يماني بالخسارة.وقال إن "الكلمات لا تكفي فمناقب الفقيد لا تعد ولا تحصي ولا تكفيها الكلمات لتعبر عنها، وأسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويجازيه على ما قدمه لخدمة دينه ووطنه ومليكه الجنة". من جانبه قال الشيخ رشاد علي زبيدي، احد رفقاء الدرب،:إن بوفاة صديقي الحبيب محمد عبده يماني، فقدنا علماً من أعلام المملكه ونبعاً من نبع الخير ومساعدة المحتاجين والوقوف بالكلمه الصادقة المعبرة عن معاناة فئة الفقراء والمساكين والمحتاجين، رحمك الله يا أبا ياسر فكنت ونعم الوزير والأخ والصديق لكل من دق بابك يريد المساعده، فكنت لا ترد طالب المساعده وتوصي له خيراً. رحمه الله كان رمزاً من رموز العمل في الخدمه الأنسانيه، وكان خير جليس. وقد كان يهاتفني ويسأل عني وعن صحتي رغم أرتباطاته". بكري معتوق: علم من اعلام مكة في ما أشار الدكتور بكري بن معتوق عساس، مدير جامعة أم القرى، إلى أن أصدقاءه "يفقدون أبلغ الكلمات في وصف ذلك الرحيل، فالراحل كان محورا هاما وعلما من أعلام مكةالمكرمة الذين يعرف عنهم التفاني في خدمة الاسلام والمسلمين والوطن. وكان صاحب يد بيضاء يقدم الكثير من الخدمات خاصة لذوي الحاجه في السر، يبتغى من وراء ها وجه الله ورضاءه . أن محمد عبده يماني صاحب اكاديمية يرعى تحت مظلتها شرائح مختلفه من المجتمع، حيث كان قدوتهم وحكيمهم الذي تؤول اليه كثير من المشاكل لديهم. كما كان من الناحية الاكاديمية علما لايشق له غبار"،لافتا إلى أن الراحل "يعتبر جملة من التركيبات الراقية ذات البعد الحميد، فهو العالم والمربي والمثقف والاديب والمفكر وعلى المستوى الانساني وهو نعم الصديق والاخ الرفيق والناصح الامين وان مالدى الدكتور محمد عبده يماني من تراث أكاديمي وعلمي سيكون حجر الزوايه في انطلاق مجموعة من الأبحاث والدراسات العلمية والإنسانية، التي ستضيء مسالك العديد من الباحثين والمهتمين والدارسين في جامعات المملكة، ولعل ذلك يجعلني أطالب تلاميذ الدكتور محمد عبده أن يقدموا كرسي علمي، من خلال جامعة ام القرى ليفيد في نتائجه وتوصياته بعد الانتهاء من دراساته المجتمع المكي، وأتمنى من تلاميذه جمع كل مايتعلق بحياة الراحل ووضعه في كتاب علمي لتكون دروسا للأجيال القادمة". وعبر الدكتور عادل غباشي، وكيل جامعة أم القرى، عن بالغ أسفه وحزنه على فقدان الراحل، الذي يعد في رأيه "احد العلماء الأفاضل لمكة، لما كان يملكه من مكانة علمية وأدبيه وفكرية وثقافيه". ولفت الدكتور نبيل كوشك، وكيل جامعه أم القرى للاعمال والابداع المعرفي، إلى أن يماني "ترك بصمة تاريخية يشار لها بالبنان". وأوضح الدكتور هاني غازي، وكيل الجامعة للدراسات والابحاث العليا، انه بوفاة الدكتور يماني "فقدت مكة احد اعظم رجالاتها الافاضل، الذين تسلحوا بالعلم والادب والفكر". من جانبه قال الدكتور محمد صالح بنتن، رئيس مؤسسة البريد السعودي، إن الفقيد "مشهود له بالخير منذ ان كان ويرا للاعلام، فهناك كثير من الناس لم يكن احد يصل لهم ويساعدهم سوى الراحل، فهو لم يكن عالما فقط فى مادة الجولوجيا، وانما متفقها فى اصول الدين والسنة النبوية الشريفة، وفقية فى عمل الخير والعمال الانسانية بصفة عامة". عبدالله نصيف:قدم العون لتحفيظ القرآن وسال الدكتور عبد الله عمر نصيف، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمنطقة مكةالمكرمة، ان يتغمد الله سبحانه وتعالي الفقيد بواسع رحمته ويجزيه خير الجزاء على ما قدمه من خدمات للاسلام والمسلمين وخدمه القرآن الكريم، مشير الى ان الفقيد "كان عضوا في مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمنطقة مكةالمكرمة، وكانت له جهودا ملموسه رحمه الله وكان يقدم العون المادي والمعنوي لحلقات القرآن الكريم، كما كان له جهود ملموسه مع الجالية البرماوية التى تتذكره بكل اخلاص، فقد كان ينفق من حسابه الخاص على مدارس تحفيظ القرآن الكريم للجاليات البرماوية وحلقاتهم، وغير ذلك من الاعمال الخيرية نسال الله ان يجعل هذه الاعمال فى صفحات حسناته، وان يغفر له ما تقدم وما تأخر من ذنب". وقال الدكتور حيدر بن لادن،مجموعة بن لادن السعودية، إن الفقيد "قدوة فى الفقة الاسلامي والسنة النبوية المشرفة. وانا اعتبره استاذ واخ وصديق. واليوم فقدنا علم من الاعلام ليس على مستوى السعودية فقط، وانما على مستوى العالم الاسلامي. لقد ترك الفقيد مكتبه اسلامية تعد مرجعا قيما لكل طالب علم في اصول الفقة والسنة، فقد كان رحمه الله ساعي دائما الى قضاء حوائج الناس. وانا اعتبره ابو الفقراء وكانت مساعداته تشمل القاصي والداني، نسال الله ان يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته". واعتبر عبد الوهاب صبان، رئيس نادي الوحدة الرياضي السابق، ان فقد الدكتور محمد عبده يماني "خسارة كبيرة للامة الاسلامية، فقد كانت له ايادي بيضاء كثيرة في الاعمال الخيرية، امتدت لمساعدة المحتاجين فما أكرمها من يد،وما أعظمها من نفس. كما ترك الفقيد موسوعة علمية فى مجال الدعوة والفقة".