كل الأشياء التي تعطيك قيمة اجتماعية لا تشكل ثقلاً أمام الأخلاق. الأخلاق هي أفضل استثمار يمكن أن يعتمد عليه الإنسان وهي أكثر القطاعات أماناً، تشبه ارتباط عملتك بالذهب مباشرة وقوتك الواقعية بهذا النوع النادر والأصيل من المعادن. ارتباطك بالمظاهر والمصالح وسواها من المكونات يجعل قيمتك متذبذبة وعرضة للكسب والخسارة، عندها يصبح رهانك أقرب للفشل. عندما تتشبع بالأخلاق في أعماقك الدفينة بواسطة التربية والقدوة فإن أخلاقك لن تتعرض للتلف مطلقاً ولا تسقط قيمتها بالتقادم، الأخلاق تنمو بشكل مطرد، وكلما تعرضت لمواقف أصعب ظهرت منك أخلاق أمتن وأليق، هذا من كانت منه الأخلاق بمنزلة الروح للجسد بفضل التربية العريقة والتنشئة العميقة. وكذا من ابتلي بنزق أو سرعة غضب وانفلات فإنه بالتخلق والمجاهدة سينال حظاً عظيماً من الكسب الأخلاقي الذي يداني سابقه. لا تتعامل مع الأخلاق بطريقة مادية بحتة تنافي قيمتها، كأن تلين لكسب جانب أحد أو تتملق لرضى خاطر مخلوق، فإذا ملكت القوة بطشت وإذا نلت المصلحة عدلت، التصق بالأخلاق وكأنها جزء أصيل من كيانك وقدر ملازم لحياتك. اعتقدها في داخلك، اجعلها نهجك وطريقتك، تعامل بها، تماثل معها. الأخلاق في البدء حالة زئبقية إذا انصهرت داخلك وخالطت شغاف قلبك أصبحت تضوع في داخلك وتعبق من جوفك وتكسو سلوكك وتنطبع في ذهنك وتترك أثرها على ثغرك وبشاشتك وإصباحك. إن للأخلاق سحراً يغمر قلوب من حولك ، فإذا أراد بك الغاضب شراً انفطأت حمم هياجه عندما يلقاك، وإذا أذنب أحد في غيابك قصمه ضميره بالتأنيب، وإذا أجبرتك ظروفك على التقصير باشرتهم الأعذار بالإعذار. تمسك بأخلاقك ومبادئك فإنها حصنك من صدمات الحياة وسبيلك لالتفاف القلوب حولك وطريقك لرضى الله، تمسك بأخلاقك فإن المال زائل والجمال ذابل والبطش قاتل والأخلاق جنة.