مازلنا نعيش وسط مد وجزر اسمه تعدد الزوجات، بل أصبحت هذه الظاهرة الآن منتشرة بشكل واسع دون موانع، أنا هنا لا أناقش قضية التعدد؛ لأنها قضية لا تحتمل النقاش أصلا فهذا شرع الله، بل أصوب السهم نحو هدف أعمق، تغفل عنه الكثير من النساء اللاتي شغفن بالألم ومسكرات الوجع، وأغمضن أعينهن، ماذا سيكون بعد الألم، جميعنا نملك نفس العين، لكن لا نملك نفس النظرة. نعم لو تأملت نون النسوة للحظات دون زوبعة عواطف صاخبة قد تجعلها أكثر تعاسة مستقبلا، لوجدن ثغرات لم ينتبه إليها إلا البعض القليل. تزوج هذا الرجل وهو يعتقد من الداخل أنه سيحقق أحلاما وأماني لم يحققها من قبل، وكأنه يفتقد إلى رواية جديدة تنعش ما بقي من عمره، وكذلك الزوجة الثانية تعتقد أنها الحلم الوردي لهذا الرجل، وتطأ بقدمها بلاط الزوجية بكل ثقة أنها الأفضل، وأنها الحل الأمثل والدواء لكل داء، وقد تكون كذلك في حالة أن الزوجة الأولى تفتقر إلى كثير من المعطيات التي جُعلت من أجلها فكرة التعدد ضرورية، ولكن لو كانت الزوجة الأولى أنثى تجمع تفاصيل الحب والعطاء والتضحية والثقافة والمصدر الأول لروح الحنان للزوج والسكن والمودة، هنا أقف بكل شموخ وأقول: دعيه يمتهن غيرك ليعلم من أنت، دعيه يعاني بعض المسؤولية التي تجعله يقول داخله: وما الحب إلا للحبيب الأول، فوالله يا سيدتي الأولى سترتفع مكانتك أضعافا، وسيحاول إرضاءك بكل الوسائل، وهو مبتسم لأنك كما أنت رائعة التفكير، جميلة القلب، راقية المشاعر، والزوجة الثانية لها العدل وحق الشرع والإكرام؛ لأن القلب قد تلذذ بمن يشعر به دون أن يتكلم، ويعطيه دون أن يطلب، ويتحمل معه أعباء الحياة دون ملل، بل بابتسامة تعانق نجوم السماء. وهناك من تعتقد أنها امرأة ذكية، وتُذهب سنوات العشرة ومشاعر الحب التي كانت بينهما بمفهوم التحدي أو كثرة الطلبات، وعدم التنازل عن أي حق لها في سبيل أن يستيقظ الزوج ليعود إليها، وشتان بين الطريقتين في أصول التفكير، فالغلبة لمن أحسنت استخدام العقل في مكانه الصحيح، وفازت بالقلب والعقل معا، وخسارة قليلة خير من خسارة كبيرة، فكوني سيدتي أنت رائدة الحظ الأكبر، وأغمضي عينيك عن الحزن لزواجه الثاني، فهذا قضاء الله وقدره، وابتلاء. تعايشي معه لتكوني ملكة على عرش مملكتك، وأمر المؤمن كله خير. احرصي على الحصول على ما تحبين.. لئلا تكوني مجبرة على أن تحبي ما تكرهين.