«تك تك تك يا أم سليمان، تك تك تك جوزك وين كان، تك تك تك كان في الحقل، عم يقطف خوخ ورمان» تمايلت مع أغنية فيروز هذه ليس لبساطة لحنها وروعته، بل لأنني تذكرت فوراً زوغان بعض الأزواج إلى الاستراحات بشكل يومي، ولساعات تمتد إلى ما بعد منتصف الليل بكثير، دون اكتراث أو مراعاة لشؤون الزوجة والأبناء والأسرة على وجه العموم، وبعيداً عن المسؤولية الملقاة على عاتقة، ليصل الزوج متعباً متورماً مرهقاً بعد ذلك متسللاً إلى السرير، محاذراً أن يلتفت لأحد، لينام دون أن ينبس ببنت شفة منزوياً خلف عزلته الموحشة، وأن سُئل أزبدَ وأرعدَ وتوعدَ وجالَ وصالَ، صارخاً بأن يحرق الأخضر واليابس والقديم والجديد، وكأن خلايا عاطفته نائمة، وليس لديه شعلة مودة، ولا تأجُّج روحي، ولا نبض حياة، الحق أن فيروز تصرخ كون «أم سليمان» امرأة غاب عنها زوجها لفترة ثم عاد، وبعد عودته تسأل - «جوزك وين كان؟» فتجيب -: كان في الحقل عم يقطف خوخ ورمان! طبعاً هو مزارع وكان في الحقل يدير مهنته بكل اقتدار مهني ونشاط بدني وذهني وفائدة تُجنى له ولأسرته، في حين أن زوج الاستراحة هذا يتيه فيها لساعات طوال بشكل يومي، وبما يشبه الرّحى دون أدنى فائدة تذكر سوى اللغو والتشرد والضياع المر الذي يشبه الحنظل. إن الظلمَ والأنانية اللذين يمارسهما بعض الأزواج تجاه زوجاتهم وأبنائهم بخروجهم الدائم والمستمر إلى الاستراحات المشؤومة يُعد عملاً قاصراً وجناية كبرى وقهراً فظيعاً ليس له أي مبرر. إن هذه الأعمال والسلوكيات غير السوية لأزواج غير مسئولين يُعد خرقاً واضحاً للعلاقات الزوجية على وجه الخصوص والأسرية على وجه العموم، وينذر بتفكك أسري سريع وتشرد وضياع وموت عواطف. إن الزواج مسئولية مشتركة وليس حفل زفاف في قاعة فخمة وفستاناً أبيض وأحلاماً وردية، ومن ثم (الدجة) في الاستراحات مع الصحب والخلان. لقد اهتم ديننا الحنيف بالأسرة اهتماماً بالغاً، وحرصَ على استقرارها واستمرارها، فالأسرة هي أساس بناء المجتمع وتماسكه، لذا تعددت التوجيهات الإسلامية التي ترسم خطوط بناء الأسرة، وتُحدد مسؤوليات أفرادها، فأعطى الله للرجل رئاسة الأسرة وحمَّله مسؤولية القيام على شؤونها بتأمين حاجاتها من غير كلل ولا ملل، وأوجب عليه حسن المعاشرة والتلطف والتودد للزوجة وللأبناء. إن على الرجل أن يكون بعيداً في تفكيره، وأن لا يحصر همَّه في الحصول على متعه الشخصية وراحته النفسية فقط، وأن لا يجعل همَّه الأول هو الحياة الدنيا ولذائذها، لأن ذلك يقود في النهاية إلى انحطاط الأسرة وتفككها وتشردها، فيا زوج الاستراحة، تك تك تك عد إلى زوجتك وبنيك واقطف لهم الخوخ والرمان وامنحهم الشعور والعاطفة وتودد لهم. [email protected] ramadanjready @