يقول نجيب محفوظ "لا تغال في المثالية وإلا متّ تقززاً "، لذلك سأتراجع خطوة إلى الخلف لكي أصبح متوازناً وعقلانياً فيما سأطرحه من تساؤلات، سأعبر بين التفاصيل كحمامة سلام بيضاء في سماء صافية، هل نحن مجتمع مثالي متحضر حُلّت جميع قضاياه، وذابت مشاكله ليجد وقتاً لفراغه ليجنّد نفسه لخدمة قضايا لا تعنيه بشيء ويلتفت لفوضى دول مجاورة، المثالية الزائفة التي تراها وأنت تتصفح "تويتر والواتس أب" ونتغنى بها مرددين حكماً ومقولات جميلة فلسفية في الإدارة والقيم النبيلة لأبرز مفكري العالم، لماذا يا ترى لم تنعكس على نهج حياتنا اليومية؟ نختبئ خلفها في عالم الإنترنت الوهمي فقط، سأعيد السؤال بطريقة أخرى هل استطعنا النهوض بذواتنا لإصلاحها بدءاً من الأسرة ووصولاً إلى المجتمع لنبلغ الكمال، أم أن تلك الحالة جلد للذات بطريقة عكسية؟. يدعي كثيرون بأن ما يجري من سجالات خاوية حراك طبيعي وإفراز مبرر لما يحدث في العالم والشرق الأوسط تحديداً من منعطفات تاريخية مفصليّة تستثير الشعوب لإبداء آرائهم والتعبير عما يرونه مناسباً، يجب أن ندرك جميعاً أن القرارات الحكومية والسياسية لا تُصنع في "تويتر" والأمثلة كثيرة لا حاجة لذكرها، في حقيقة الأمر ما يجري هو إلهاءٌ ممنهج بتفاصيل وقضايا لا تعنينا بشيء لنأخذ بحكمة حكومتنا الرشيدة مثالاً نأت بنفسها عن المهاترات التي لا قيمة لها تعمل بصمت وترقُبّ لكل الأحداث المحيطة بأمن الوطن، لذلك "لندع القيادة لها ونستمتع بالرحلة "الشعارات التي تردّدُ جزافاً لكسب انتصارات وهمية شعبوية لا تدوم طويلاً، الخطر الأكبر المحدق بشبابنا هو الانجراف خلف تجّار أيديولوجيا التطرف والإرهاب قطبي الشيطان "الإخوان وداعش" من أساتذة جامعات وأقلام مأجورة باتوا لا يخجلون يبيعون الأوهام عياناً بياناً يستميلون حماسة الشباب للزج بهم في مهلكة لا خلاص منها بالرغم من أنّ القرارات السيادية جرّمّت من يرتدي عباءة إحدى تلك المنظمات قاتلة الفرح والحياة، ما يجري يحتاج لوقفة حاسمة صارمة، الأيادي الحنونة لم تعد مجدية مع فئات باتت ولاءاتها جليّة وأهدافها واضحة. بلادنا تحتاج لسنابل شبابها لنزرع الحب والتسامح ونعمل بعيداً عن كل ما من شأنه إيقاظ الإحباط بدواخلنا، لا قيمة للحياة إن لم نكن أقوياء متحدين . لنأخذ من اليابان أنموذجاً مشرفاً خلال قرابة عقدين من الزمن، بعد الحرب العالمية الثانية استطاعت أن تقفز كتفاً بكتف مع الدول العظمى، انتقمت من التاريخ المؤسف وأعادت صياغته بالشكل الذي تريد، وانتصرت لأنها ابتدأت بالإنسان أولاً، بالإرادة لا شيء مستحيل خُلقنا لنعمل ونبني الحياة ونكرس أمجاد نهضتنا لا أن نصبح حطباً لحروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ولنأخذ بالحديث الشريف "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها".