استنكر مطارنة دمشق الدعوة التي وجهها القس تيري جونز خادم كنيسة دوف التبشيرية في ولاية فلوريدا الأميركية لإحراق القرآن الكريم، مؤكدين أن "ما يدعو إليه هذا القس ليس من وحي الإنجيل بل من وحي الشيطان الذي حذر السيد المسيح من الوقوع في حبائله". وفي ختام الاجتماع الشهري الذي ضم مطارنة مدينة دمشق من جميع الكنائس أصدر المطارنة بياناً أكدوا فيه أن "القس جونز لا يمثل إلا شخصه وبعض أتباعه القلائل ممن يعانون هوس الخوف من الآخر ومرض العداوة لكل من هو مختلف". وجاء في البيان "من المعلوم أن في الولاياتالمتحدة آفة كبيرة هي أن كل من خطر على باله أن يؤسس كنيسة جديدة مستقلة أو دينا جديداً مستقلاً بوسعه أن يفعل ذلك, وقد بات في تلك البلاد الآلاف من الشيع من جميع المذاهب والطوائف غايتها بعيدة كل البعد عن أصول الدين ومبادئه وشرائعه وتعاليمه، وقد أخذ البعض من تلك الشيع، مع الأسف الشديد، يتغلغل في سوريا تحت أقنعة وتسميات متنوعة فيجب التنبه لها بل التصدي لها ولحظرها". وأشار المطارنة إلى أن "الكل يعلم، وخصوصاً إخوتنا المسلمين، أن الإنجيل بعيد وغريب عن أفكار وأعمال مثل هذا القس الذي نجزم بأن ما يفكر في عمله ليس أبداً من وحي الإنجيل ولا من تعاليم السيد المسيح بل من وحي الشيطان نفسه الذي حذرنا المسيح من الوقوع في حبائله في الصلاة الربية التي علمنا إياها قائلاً: (لا تدخلنا في التجارب لكن نجنا من الشرير)". وأكد المطارنة أن "موقف الكنيسة كلها بكل ألوانها من الإخوة المسلمين معروف ونهائي وملتزم وأمين، وهو موقف الاحترام والأخوة والانفتاح والتعاون والتآزر، وقد عبرت عنه في مناسبات وبطرق عديدة متنوعة رسمية وغير رسمية وها هي قد بادرت على أكثر من صعيد إلى شجب وإدانة ما يدعو إليه القس تيري جونز". وأضاف البيان "لم يعد يخفى على أحد أن هناك من قد صمم على زرع الخلاف بين المسيحيين والمسلمين وعلى جعلهم يتصادمون بجميع الأشكال الممكنة، وعلى رأسهم هؤلاء الصهاينة، والأدلة على ذلك كثيرة، والحادث الذي نحن في صدده لن يكون الأخير، ولذلك علينا جميعا أن نكون متيقظين فطنين وأن يكون نظرنا بعيدا وثاقبا، وقلبنا واسعا، وعقلنا راجحا، فلا نتيح لأي كان أن ينسل بطريقة من الطرق إلينا ليفرق بيننا بل ليجعلنا نتقاتل ونضعف ونهوي ونتقهقر وهو يتفرج علينا وينهض على أنقاضنا". ورفع المطارنة باسمهم و"باسم أبنائنا كلهم، إدانة الدعوة التي أطلقها القس تيري جونز وندعو إلى التصدي لها والعمل على تعطيلها وتعطيل غيرها من أمثالها بجميع الوسائل واضعين في سبيل ذلك كل ما لدينا من إمكانات، وندعو أبناءنا إلى الصلاة في اليوم الحادي عشر من سبتمبر المقبل في جميع الكنائس من أجل أن يديم الله تعالى الوفاق والمحبة والأخوة والتكاتف بين المسيحيين والمسلمين في العالم أجمع". وكانت كنيسة أمريكية في منطقة غاينيسفيل - تصف نفسها بأنها "كنيسة العهد الجديد على أساس الكتاب المقدس" - قد دعت لجعل يوم ذكرى الحادى عشر من سبتمر يوماً لحرق المصحف وقالت إنها تحاول أن تجعل من تلك الذكرى "يوما عالمياً لحرق القرآن". ونشر راعي ومالك الكنيسة القس تيري جونز مقالا بعنوان "الإسلام من الشيطان ووضع لوحة خارج الكنيسة حاملة موضوع مقاله، وتم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لجمع أكبر عدد ممكن من الناس للمشاركة في الاحتفال، مما أثار حفيظة العالم الإسلامي، حيث حذر الأزهر من التداعيات الخطيرة التى يمكن أن تترتب على مثل هذا الفعل وإعلان يوم (11 سبتمبر) يوماً عالمياً لحرق المصحف، مشيراً إلى أن ذلك يعد محاولة مشبوهة للإساءة للإسلام والمسلمين. وأصدر المجلس الأعلى للأزهر برئاسة شيخه الدكتور أحمد الطيب بياناً بشأن ما تناقلته وكالات الأنباء حول دعوة القس الأميركي لجعل يوم 11 سبتمبر يوما عالميا لإحراق المصحف الشريف، وجاء فى البيان: هذه دعوة تصدر عن تعصب مقيت وعن جهل بالإسلام وقيمه، بل إنها دعوة للحض على الكراهية وعلى ازدراء الأديان وعلى رفض الآخر، وهي محاولة مشبوهة للإساءة للمسلمين في أعز مقدساتهم، ولإثارة الكراهية والتفرقة والتمييز بين الأميركيين من مسلمين وغير مسلمين، وهي بذلك تخالف القوانين المعمول بها في العالم المتحضر كما تخالف قرارات الأممالمتحدة التي تحرّم التمييز وتدين ازدراء الأديان والمقدسات. وأضاف البيان: إن المجلس الأعلى للأزهر يؤكد أن مثل هذه الدعاوى المشبوهة لن تضر الإسلام شيئا، وأن القران الكريم الذي بقي محفوظا على مدى القرون سيبقى محفوظا إلى يوم الدين مصداقا لقول الله عز وجل "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". ولكنه يحذر من أن المسلمين لا يمكن أن يقبلوا الإساءة إلى القرآن الكريم، ويهيب بأصحاب الضمائر الحية والعقول المستنيرة في العالم الغربي أن يبادروا بالتصدي لمثل هذه الدعوات الخرقاء. وكذلك أصابت هذه الدعوة الكنائس الإنجيلية بمصر بانزعاج شديد وأعلنت أسفها بشدة لهذا الفكر الهدام ورفضها الكامل لأي تطاول علي أديان ومعتقدات الآخرين، الأمر الذي يتنافي تماما مع تعاليم السيد المسيح التي تحض على محبة واحترام الآخر أيا كان انتماؤه ودينه واعتبار كل إنسان أخاً في البشرية، مشيرة إلى أنها ستبذل بالتعاون مع نظرائها في أمريكا والعالم كل جهد لتقويض مثل هذه الأفكار المتطرفة التي لا تنتج إلا التوتر والمزيد من العنف بين البشر من خليقة الإله الواحد الذي نعبده جميعاً، واختتمت بيانها بتأكيد حبها واحترامها "لكل إخواننا المسلمين في بلادنا والعالم".