المرأة السعودية المجتهدة والمثابرة، التي تعمل في العديد من الوظائف، سواء الحكومية أو الخاصة، تسعى بكل جد واجتهاد لإثبات جدارتها وبيان مكانتها المرموقة في بلدها ومجتمعها كعنصر فعال ومنتج ومهم، محاولة بذلك تجاوز النظرة الاجتماعية السلبية السائدة، التي تبرز فقط الصورة النمطية للمرأة، وتحصر أدوارها العملية فقط في واجبات ومهام أسرية محددة، وتمنعها من مزاولة الأعمال الأخرى المشروعة والمناسبة لها، ولكن بإصرارها وعزيمتها القوية ورغبتها الجادة في العمل في ميادين الحياة الأخرى المتعددة والمختلفة مع احتفاظها وتمسكها بدورها الأساسي والمهم في الحياة، وهو كونها أم أو زوجة وربة منزل، تربي أولادها، وتحافظ على زوجها وأبنائها وبيتها، حيث لم يتوقف دور المرأة في هذا الحد من العطاء اللا محدود الذي تمتلكه وتتميز به، بل تجاوزت ذلك العطاء إلى قيامها بالمشاركة في بناء المجتمع والعمل في كافة مجالات الحياة اللائقة والمناسبة لها، التي لا تخالف الشرع المطهر ولا تتعارض مع عادات المجتمع وتقاليده. لقد أثبتت المرأة السعودية قدرتها وتميزها في تحقيق ذلك في معظم المجالات التي عملت بها وأثبتت استحقاقها لنيل أعلى الأوسمة في الميادين العملية والعلمية المختلفة، بل نالتها وحصلت عليها، مما أثبت للجميع بأنها وبكل جدارة واستحقاق حققت معنى (التوازن بين مهامها الأسرية الأولية وبين المهام الوظيفية الأخرى)، من العمل الميداني في كافة الوظائف المتنوعة والتي تتناسب مع طبيعتها ووفق الضوابط الشرعية وحسب التقاليد السائدة والعادات الاجتماعية المتعارف عليها، فنجدها برزت في ميادين متعددة كسلك التعليم، وفي مهنة الطب، وفي الإعلام، والتجارة، ومؤخراً أصبحت عضواً بارزاً وفعالاً في مجلس الشورى، الذي تناقش فيه قضايا المجتمع ومطالبه، وتؤثر في القرارات والأنظمة التي يتم تداولها في المجلس وما يتم بشأنها من نتائج، وبذلك تكون المرأة السعودية تجاوزت مرحلة التهميش غير المبررة التي كانت سائدة في أوقاتٍ مضت، نظراً للنظرة القاصرة من بعض أفراد المجتمع ذوي التفكير المحدود المتشدد والمنغلق، الذين للأسف كان بعض منهم في الماضي القريب يطالب بعدم ذهاب المرأة المريضة إلا إلى امرأة طبيبة، وفي نفس الوقت، وفي تعارض وتناقض صريح وواضح، يعارض بل ويحرم عمل المرأة في مجال الطب، إذاً كيف له إيجاد طبيبة تعالج نساءه إذا كان يعارض عمل المرأة في ذلك المجال أو في غيره من مجالات الحياة والتي لا يحرمها الشرع أو تتعارض مع العادات والتقاليد؟ لكن المرأة السعودية الناجحة استطاعت بفضل الله، إدارة أمور حياتها وتحقيق التوازن بين عملها وأسرتها، وذلك عن طريق اهتمامها وحرصها على ترتيب أولوياتها وإدارة وقتها بشكل صحيح وبما يتناسب مع ظروفها النفسية والصحية وظروف أسرتها، وكذلك عن طريق تحليلها لنقاط الضعف والقوة في حياتها، مما جعلها تتعامل مع ما يستجد في حياتها بواقعية أكثر، وتسعى لتحسينها ومعالجتها بأفضل الطرق وأنجعها، وذلك لثقتها بنفسها، ولقدرتها على إقناع من حولها بما تمتلكه من قدرات وإمكانيات، صقلتها عن طريق تجاربها مع أزمات ومصاعب الحياة التي واجهتها، مما نمى في نفسها القدرة على الثبات أمام الضغوط والمشاكل ومواجهتها بكل قوة وعزم، حتى تقوم بحلها وعبورها وتجاوزها بكل يسر وسهولة. إن المرأة الناجحة المتميزة، هي تلك المرأة التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين العمل والأسرة، وذلك عن طريق وضع عدة نقاط أساسية ومهمة في حياتها قبل خروجها للعمل في الميادين العملية المختلفة، وفي مقدمتها حرصها على تقوى الله أولاً في البحث عن عمل لا يتنافى مع ما شرعه وأمر به، وبما يتناسب مع عادات وتقاليد مجتمعها، وأن تعمل على تحديد الأوليات في حياتها والحرص على تحقيقها حسب ترتيبها وأهميتها، والمحافظة على نفسها وأسرتها، وعلى تنظيم وقتها وتوزيعه بشكل واضح ومدروس بين المنزل والعمل، وأن تجتهد في تطوير قدراتها وأن تحافظ على ثقتها بنفسها، وعلى قدرتها على مواجهة جميع ما يعترض مسيرتها العملية بكل ثبات وعزيمة وإصرار على النجاح والتفوق والتميز.