اعتاد الجمهور العربي على أن تكون دراما رمضان كل عام تحت "مجهر النقد"، فعلى الرغم من الإنتاجات الضخمة، والزخم الدرامي الذي يشهده الماراثون الرمضاني هذا العام، إلا أن هناك بعض الأعمال التي ينتقدها الجمهور والنقاد، لأسباب عدة، منها المشاهد، أو الألفاظ الخارجة، أو أخطاء في النص نفسه، أو اقتباسات من أعمال فنية قديمة، أو حتى الاقتباس من أحداث حقيقية وتوظيفها درامياً، وهو ما يرجع السبب فيه بالأساس إلى الافتقار إلى الأفكار والإبداع، حيث يظل الهدف الرئيسي فقط هو جذب الجمهور، والحصول على لقب "أعلى نسبة مشاهدة". من أمثلة ذلك مسلسل "ابن حلال" للفنان محمد رمضان، الذي حاول فيه مؤلفه الكاتب حسان دهشان تقديم قصة تبدو للجمهور وكأنها جديدة تماماً، إلا أنه وبنظرة سريعة يتبين لنا أنها مقتبسة من واقعة شهيرة حدثت في مصر عام 2008، عندما عثرت الشرطة على ابنة المطربة المغربية ليلي غفران، وصديقتها، مقتولتين في شقتهما، ورغم نفي المؤلف وحتى أبطال العمل، وكذلك المطربة ليلى غفران نفسها، أن العمل له علاقة بحادث ابنتها، إلا أن الحقائق تثبت عكس ذلك. فمثلا، تناول العمل بالتفصيل علاقة ابنة ممثلة مشهورة "وفاء عامر"، بابن مسؤول سياسي بارز "أحمد فؤاد سليم"، وتورط شاب صعيدي "محمد رمضان" في الجريمة، تبدو القصة وكأنها رواية درامية عادية، إلا أن الغريب أن يظهر المسؤول الكبير في العمل، بصورة تشبه في الهيئة والملامح المسؤول البارز في مصر إبان حكم مبارك في 2008. وإذا لم تكن القصة مقتبسة من الجريمة الواقعية، فلماذا إذن ظهرت والدة الضحية كممثلة، لماذا لم تكن طبيبة مثلا أو مهندسة، أو أي شيء آخر، كما أن الأحداث في المسلسل دارت في حي أكتوبر، وهي نفس المنطقة التي جرت فيها الأحداث الحقيقية، بالإضافة إلى تورط الصحفية وضابط المباحث، وهي كلها أحداث تطابقت بالفعل مع الحدث الرئيسي. كثير من الأعمال الفنية تناولت أحداثا حقيقية، ووظفتها دراميا، وأحيانا كوميديا، إلا أن المؤلف وصناع العمل في كل مرة ينكرون وجود أية علاقة بين العمل والقصة الحقيقية، وهذا أمر غريب، التفسير الوحيد عندنا لذلك هو الإفلاس الفكري، حيث يصبح الهم الأساسي لصناع العمل الحصول على لقب أعلى نسبة مشاهدة.