فيما تحفل مواقع التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع لمشاهد مروعة تجسد وقائع تعذيب وقتل، وغيرها من الانتهاكات التي تحدث في مناطق عدة بالعالم، طالب اختصاصي بمحاكمة كل من يسهم في نشر هذه المشاهد الدموية عبر أي وسيلة، وفي المقابل أكد آخر عدم وجود معيار قانوني للتعامل مع هذه الحالات، مفضلا التعامل معها كسلوكيات سلبية. يقول أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة الملك سعود بالرياض الدكتور عبدالله الحريري إن "نشر الصور والمقاطع المؤلمة يتطلّب المحاسبة، بمقاضاة كل من يثبت نشره صورا تجسد التعذيب أوالقتل، أو الجنس، وغيرها من السلوكيات الشاذة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبار ذلك مخالفة لميثاق الشرف المهني للنشر، فالله خلق النفس البشرية في أحسن تقويم، ومثل هذه الصور والمقاطع تنافي الفطرة السليمة، وتؤثر في النفوس، وقد تتسبب في صدمات نفسية يصعب علاجها، وخاصة للأطفال، والنساء، ورقيقي المشاعر". وأضاف "يجب أن يحال إلى القضاء كل من يسهم في نشر الرعب، والأذى النفسي، والرذيلة عبر أي وسيلة، ومن بينها مواقع التواصل الاجتماعي". وعن السمات الشخصية لناشر هذه الصور والمقاطع، قال الدكتور حريري إن "ناشري تلك المضامين المؤلمة ينزعون إلى السلوك العدواني، ويعانون من التشبّع بالمحتوى المعرفي السلبي، الأمر الذي يدفعهم دوما إلى تغذيته في كياناتهم الوجدانية والعقلية من خلال صور ومقاطع التعذيب، والقتل، والحوادث، والسلوكيات الشاذة، دون مراعاة لقيم الدين أو المجتمع"، مشيرا إلى أن ذلك يستدعي تدخل الجهات المسؤولة لإيقافهم عند حدهم، وإخضاعهم للعلاج النفسي. وحول الانعكاسات المرضية التي تقع على متلقي هذه الصور والمقاطع، أكد أن "الأخبار والصور والمقاطع السيئة قد تصيب المشاهد بأمراض نفسية خطيرة من أهمها الاكتئاب، والقلق المرضي، والشعور بالسلبية، والخوف من الآخرين، والتوقع السيئ للأحداث". وفي المقابل، يرى أستاذ القانون بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عمر الخولي أن عدم وجود نص قانوني للتعامل مع هذه الحالات يصعب من مواجهتها، ويقول ل"الوطن": "ليس هناك نص قانوني يجرّم الرسائل التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحتوي مشاهد عنف، وقتل، وحوادث ؛ لعدم وجود انتهاك لقاعدة قانونية في هذه الحالة، كما أنها لا تنطوي على مساس بأهلية أو كرامة وشخصية المتلقّي، وليس فيها اعتداء مباشر عليه، فهي مجرد مشاهد مؤلمة تختلف باختلاف ردود أفعال الناس تجاهها، وذلك بخلاف الرسائل التي تنطوي على سب، أو قذف، أو تشهير، أو تهديد مباشر، فهذه مجرّمة نظاما". وأضاف أن "ردود أفعال البشر تختلف حول مشاهد القتل، والتعذيب، والسلوكيات الشاذة، فبعض الناس يمكن أن يتأثر عندما يرى إنسانا يصفع على وجهه، وفي المقابل لا يحرك قتل 10 أشخاص أو حرقهم أي شعور بالتأثر عند متلقِ آخر، لذلك فهي تصنّف كسلوكيات خاطئة، أو شاذة، وقلّة أدب". وأوضح الدكتور الخولي أن على "الجهات المعنية بتشغيل وإدارة خدمات الإنترنت اتخاذ إجراءات صارمة للحد من نشر هذه الرسائل إذا كانت على قدر عال من الدموية، والعنف، أو الشذوذ الأخلاقي، والسلوكي، وأن تتولى مراقبة حسابات ناشريها، وحجبها". وأشار إلى أن الجهات المعنية لديها إمكانات لحجب هذه الصور والمقاطع آليا وحظر نشرها نهائيا، وذلك هو الحل العملي في التعامل مع هذه المشاهد الشاذة التي لا تحقق فائدة، وإنما تشبع رغبة المرسل أو الناشر في إثارة الفزع، واستفزاز المتلقي وحسب".