عادت الحوادث التفجيرية لتضرب من جديد العاصمة اللبنانية، وضاحيتها الجنوبية على وجه التحديد، حيث انفجرت سيارة مفخخة، أمام حاجز تابع للجيش في مستديرة الطيونة. مما أدى إلى مقتل المفتش الثاني في الأمن العام عبدالكريم حدرج وإصابة عدد من المواطنين بجروح. وزاد الحادث من المخاوف بأن لا يكون تفجير ضهر البيدر الذي وقع الجمعة الماضي سوى بداية العودة لمسلسل الإرهاب، بسبب ارتباط لبنان بما يجري على الساحتين، العراقية والسورية. وعلى الرغم من تشديد المؤسسات العسكرية لإجراءاتها الأمنية في الضاحية الجنوبية، وتعزيز انتشارها وحواجزها، والعمل على مواصلة تنفيذ الخطة الأمنية في بيروت، تتمثل بنصب الحواجز ونشر القوى الأمنية على الطرق وتكثيفها ليلاً، وتوقيف أي مشتبه به، فقد بدا أن هناك صعوبة في عملية توقيف الانتحاريين عند الحواجز قبل تفجير أنفسهم، ولذلك تعتمد القوى الأمنية على رصد المعلومات وإحباط المخطط قبل تنفيذه. ويقول الكاتب الصحافي عبدالرحمن إياس: "داعش منظمة ملتبسة في علاقاتها مع القاعدة والأنظمة الإيراني والسوري والعراقي، إلا أن ما جرى ويجري حالياً في العراق ليس بقيادة داعش، وهو ليس سوى جزء من المعركة التي تقودها بالأساس العشائر السنية والثوار، أي أنها ثورة سنية على طائفية حكم المالكي، وبدلا من أن يتجه حزب الله للبحث عن حل سلمي يجنب بلاده مخاطر الانزلاق في فتنة طائفية، ها هو يسعى لتصعيد الأحداث، حيث يجند ميليشياته، مما يعني أن المنطقة ستشهد توترات طائفية، لن يكون لبنان بمنأى عنها، وما نراه دليلا على ذلك". وأضاف "الحزب المذهبي تدخل قبل ذلك في سورية، وها هو يتدخل في العراق، بحجة محاربة التكفيريين وحماية المقامات الشيعية، لكنه في الواقع يريد حماية نظامي المالكي والأسد، مما يشجع التفجيريين والانتحاريين على تحويل المعركة إلى لبنان. من جانبه، طلب رئيس الحكومة تمام سلام بالتشدّد في الإجراءات والخطط الأمنية وعدم التهاون في ملاحقة الإرهابيين وجلبهم إلى العدالة. وقال "هذا العمل الإجرامي هو محاولة مكشوفة لزعزعة استقرار لبنان وضرب وحدته الوطنية، عبر استيراد الفتنة المذهبية". وأضاف "لبنان ليس صندوق بريد لأحد، ولن يكون ساحة للعبث، وهذه المخططات ستبوء حتما بالفشل بفضل حكمة اللبنانيين وقواهم الفاعلة". من جهة أخرى، قطع مفتي طرابلس والشمال اللبناني، مالك الشعار بعدم وجود أي خلية أو أفراد تابعين لتنظيم "داعش"، مشيراً في ندوة صحفية عقدها أمس إلى أن المدينة لم تعرف وجود هذا التنظيم ولن تسمح له بتشكيل أي حضور فيها. وقال رداً على سؤال ل"الوطن"، "أستغرب التركيز على طرابلس وإظهارها كأنها منبع للقاعدة وتنظيم "داعش"، ولكني أكرر اليوم بثقة أنه ليس لهذا التنظيم أي وكر ولا حتى متر واحد، ولن نسمح بوجوده بيننا، وكل ما حدث في المدينة في السابق كان مفتعلاً، وقدرنا أن نتحمل وأن نقاوم، ولكن من الخطأ تسليط الضوء على المناخ الإسلامي في طرابلس على أنه وكر للقاعدة أو داعش".