انتقد عميد الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور عبدالرزاق بن فراج الصاعدي غياب مجمع لغوي في المملكة، وعد ذلك من أهم الأسباب التي دفعته لتأسيس "مجمع اللغة العربية الافتراضي"، وهو مجمع لغوي تفاعلي للغة العربية، في محاولة لتعريب ما لم يعرب من المصطلحات الحديثة، وخصوصاً ما شاع بين الأجيال المتأخرة من وسائل التقنية الحديثة. ورأى أن كل مدينة سعودية تستحق أن يكون لها مجمع لغوي يرتبط بمجمع لغوي سعودي كبير مقرّه الرياض، يشرف عليها، ذاهبا إلى أن مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية مؤهل لهذا الدور. وقال الصاعدي ل"الوطن" عقب احتفال مجمع اللغة الافتراضي أخيرا بمرور ثلاثة أعوام على التأسيس "أنشأتُ المجمع لحاجتنا في بلادنا إلى مجمع لغوي؛ لأن السعودية هي منبع اللغة، ومن غير المعقول أن تخلو من مجمع لغوي، ومن الأسباب أيضا أنني أردت أن أستفيد من سهولة التواصل الاجتماعي مع أهل التخصص والأدباء والشعراء ورواة اللغة، التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي، ووجدت أن رواية لهجاتنا وتأصيلها والنقاش التفاعلي لكل كلمة تطرح سيكون سهلا وفعالا، وهذا ما حصل بالفعل، فقد ناقشنا مئات الكلمات، ورأينا أن بعضها من الفوائت الظنية، والمراد منه الألفاظ التي خلت منها معاجمنا القديمة وهي متداولة في لهجاتنا، وترجّح المعايير أو الشروط الثلاثة التي وضعتُها أنها فوائت ظنية، أي يغلب على الظن أنها قديمة من أيام الفصاحة، ولكن المعاجم لم تصل إليها، ولذا خلت منها، وأنا أقدر ما خلت منه المعاجم من لغتنا ووصل شفهيا في لهجاتنا بأنه لا يقل عن 40% قياسا بحجم ما دُوّن في معاجمنا". وأضاف الصاعدي: فضاء التواصل التقني يستوعب كل المحاولات، وبعضها يكمل بعضا، لسعة لغتنا وتعدد جوانبها نحوا وصرفا ومعجما، بل أرى أن كل مدينة في بلادنا تستحق أن يكون لها مجمع لغوي يرتبط بمجمع لغوي سعودي كبير يكون مقرّه الرياض، يشرف عليها، وأرى أن مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية مؤهل لهذا الدور، لكن مجمع اللغة الافتراضي هو المجمع التفاعلي الحيّ بالنشاط العلمي ورواية اللهجات على مدار الساعة تقريبا، ومن منهجنا أننا نطرح كل يوم كلمة واحدة من لهجاتنا، وننتظر النقاش حولها وما يقوله الرواة في ما يعرفونه عنها في لهجاتهم من المحيط إلى الخليج، وقد ساعدنا أن معنا في عضوية المجمع أعضاء من جميع مناطق المملكة، بل من جميع الدول العربية. وأكد الصاعدي ل"الوطن" أن المجمع يهدف لنشر الوعي اللغوي وتربية ذائقة لغوية سليمة بين أفراد المجتمع ومحاولة جمع اللهجات العربية المعاصرة وتقريبها من الفصحى وربط اللهجات المعاصرة لشعوب الأمة العربية كلها بالموروث اللغوي والكشف عما طرأ عليها من تغيرات فرضتها البيئات الحديثة أو الاحتكاك بالأمم والشعوب الأخرى. من جانب آخر قال عضو المجمع أحمد المطيري إن للمجمع سهولة ومرونة للعمل فيه، فليس طامعًا في مال وليس مقيّدًا بالبيروقراطية القاتلة للعمل المؤسسي، على حد قوله. وتمنى نايف الدعيج أن تؤسس على منواله مجامع في الفنون الأخرى فبهذه الأفكار يتحقق استثمار برامج التواصل, وأكد أحمد المشعل أن بساطة الطرح والبعد عن التكلف وتواضع أعضاء المجمع، من أسباب تقدم المجمع على غيره من المجامع الرسمية, مشددا على أن تداول المجمع عدة مفردات مشتركة بين مختلف لهجات أبناء الجزيرة العربية وتقارب الألسن، يشكل مدخلا لتآلف القلوب. يشار إلى أن المجمع الافتراضي كان قد أثار أخيرا جدلا واسعا إثر اقتراحه إضافة "القيف" - حسب تسميته- حرفا جديدا للأبجدية العربية.