وصل الحوار بين بعض الناس في موقع التواصل "تويتر" إلى حد التناحر، والسب، والشتم لمجرد الاختلاف في الرأي، والتعصب له، حتى انحرفوا عن الهدف الرئيس لهذه الشبكة الاجتماعية، وهو التواصل، والتوعية، والثتقيف، إلى المحاربة لأجل الرأي الشخصي، أو تسفيه الآخرين. لكن في خضم هذا التحول، يبرز أناس كرسوا حياتهم الافتراضية للهدوء، والتوعية، ومساعدة الآخرين، عبر تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتأكيد المعلومات الصحيحة، وخاصة الطبية منها. استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين والتصوير النووي والطبقي للقلب الدكتور خالد النمر، استطاع أن ينأى بنفسه عن منطقة الصراع في "تويتر" من خلال تكريس حسابه للتوعية، والتواصل المفيد مع المجتمع.. وهو يكشف في حوار مع "الوطن" عن قصته مع "تويتر"، وأهمية البساطة في التثقيف الطبي، وعن خطورة المسبب الأول للوفيات في العالم، وهو مرض القلب. كيف تجنبت الدخول في مثل هذا الصراع على "تويتر"، وتحويل حسابك للتوعية؟ في البداية، كان دخولي ل"تويتر" للتصفح، والاطلاع على آخر الأخبار، والنقاش العام، ومعرفة ما يدور حولنا في هذا العالم، ولكن عندما رأيت أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة المنتشرة في المجتمع التي قد تضر حياة الناس، وتؤثر على صحتهم على المديين القريب والبعيد، وخاصة في مجال عملي، وتخصصي الطبي، وهو أمراض القلب، قررت أن أخصص من وقتي ساعة كاملة يوميا للتواجد في "تويتر" للإجابة على أسئلة الناس، واستفساراتهم، وكذلك نشر المعلومات الجديدة والمهمة حول صحة وأمراض القلب بشكل عام. ولكن يغلب على وجودك وتغريداتك النصائح الطبية، وليس أحاديث السياسة، والرياضة، وهي الوقود المحرك لهذه الشبكة، فما هي المواضيع التي تفضل الحديث حولها غير الطب والقلب؟ صحيح أكثر التغريدات حول أمراض القلب، لأن تساؤلات الناس الكثيرة تحتم علي الرد والشرح، وخاصة أنها مسائل طبية مهمة، وأحيانا تخشى أن تكون عاجلة، لذلك أصبحت أتواجد أحيانا أكثر من ساعة باليوم، ولكنني أكتب، وأتابع أيضا مواضيع التفسير، والفقه، والشعر العربي، والنبطي، والتاريخ، وكل ما يتعلق بالكمبيوتر، والاتصالات الحديثة، أيضا "الإبل" وكل ما يتعلق بها من شعر، وقصص، ومرابع، ونوادر.. بالنسبة للقلب، ما هو مفهوم المرض وخطورته؟ أمراض القلب هي ضريبة الحياة العصرية التي يدفعها جميع سكان العالم من بكين شرقا إلى لوس أنجلوس غربا، ونحن هنا لسنا استثناء من ذلك، وعلى الرغم من أن العلم الحديث كسب جولات كثيرة في معركته مع أمراض القلب، إلا أنه ما زال هناك الكثير من التحديات، وانتشار أمراض الضغط والسكري في المملكة والذي يوضحه موقع منظمة الصحة العالمية على الإنترنت يدق جرس الإنذار لانتشار أمراض شرايين القلب مستقبلا، ولابد أن تفعل وزارة الصحة في المملكة ودول العالم بشكل عام وسائل وقاية ومكافحة أمراض القلب لديها. ما هي أهم أسباب أمراض القلب بشكل عام؟ هناك أسباب مكتسبة، وأخرى وراثية، والأولى هي التي في يد الانسان أن يتحكم فيها إلى حد ما، وهي تشكل 90% من مسببات أمراض شرايين القلب، وهي: ارتفاع الضغط، والسكري، والكولسترول، والتدخين، وضعف أو انعدام اللياقة البدنية، والإقلال من الخضروات والفواكة، والضغوطات النفسية، وإدمان الكحول، والسمنة، بينما الوراثية نادرة، ولا تشكل أكثر من 10%.. تطرح معلومات بسيطة، وبلغة سهلة عن مشاكل القلب المنتشرة.. هل مثل هذه البساطة في التعبير والطرح والأمثلة ضرورية لنشر الثقافة الصحية بين الناس؟ بكل تأكيد هي ضرورية لنشر المفاهيم الصحيحة، وإصلاح المفاهيم الخاطئة، والثقافة الصحيحة هي من أهم وسائل مكافحة الأمراض غير المعدية، وقد أثبتت الدراسات أن الثقافة الصحية كانت فعالة جدا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي في الولاياتالمتحدة، مما أدى الى تقدم متوسط عمر الإنسان عند الولادة هناك. أسلوبك توعوي جذاب وسريع ومفهوم، فهل هناك تقصير في التوعية التقليدية قبل اختراع الشبكات الاجتماعية؟ الجاذبية، واختيار الأسلوب الجيد، والمكان المناسب لطرح أي موضوع قضية مهمة جدا من أجل النجاح في إيصال المعلومة للناس، ومعرفة مدى فعاليتها وأثرها، ولو قام كل منا بدوره، وكرس علمه، وتخصصه لخدمة مجتمعه، فلن يكون هناك تقصير، وستقل كثير من المشاكل الطبية وغيرها. يقول مغرد إنه لا يتبعك سوى مرضى القلب، فهل مثل هذه النصائح الطبية مخصصة فقط للمصابين؟ للأسف هذا قصور كبير في إدراك طبيعة ومفهوم الثقافة الصحية، فالوقاية دائما أهم من العلاج، والمعلومة الطبية تفيد الجميع، وتساعدهم في اكتشاف أعراض المرض، وتجنبه مستقبلا، وأهم ما يتوقى منه الشخص هو أمراض القلب، لأنها السبب الأول للوفيات في العالم، ومن أمراض العصر التي تصيب الشباب والكبار معا. في "تويتر" ما هي أكثر المعلومات والمفاهيم الخاطئة التي وجدتها حول أمراض القلب؟ أكثر من أن تحصى، لأن هناك من يسوق للإشاعة الطبية الخاطئة لأسباب متعددة منها التجارية ومنها المعنوية، فتصل في النهاية إلى الإنسان البسيط الذي يكون سيف جهله أسبق إليه من سيف مرضه. وفي "تويتر" غالبا أحذر من الكثير من المفاهيم الخاطئة لدى الناس، ومنها أن الثوم ينظف شرايين القلب، أو إمكانية قياس الضغط الشرياني من خلال وضع اليد على الجدار، وهناك من يعتقد أن شرب فنجان يومي من زيت الزيتون يخفض الكولسترول، أو أن الحشيش يعدل المزاج ويوسع الصدر ولا يضر بالجسم، وأن كل شخص تجاوز الأربعين يجب أن يأخذ حبة إسبرين، وهذا مفهوم قديم وتغير حديثا، أو أن تناول السمك مع اللبن يسبب التسمم والبرص!، أو أن الكحة المتتالية تنقذ مريض السكتة القلبية. تواصلك عبر "تويتر" يحظى بتقدير كبير، ولكن لماذا تستقبل أيضا الأسئلة عبر البريد الإلكتروني؟ ألا يرهقك هذا التواصل في أكثر من مكان؟ في البداية كان "تويتر" فقط، ولكن تطور الأمر ليشمل البريد من أجل المحافظة على خصوصية ومعلومات المرضى الشخصية أمام الناس من المتابعين والمستفسرين من جميع أنحاء العالم، إضافة إلى أن الشخص يستطيع وصف أعراضه بالتفصيل، وإرفاق فحوصاته وتحاليله بخصوصية تامة.. وهناك أيضا مجموعة الأطباء وطلبة الطب، حيث أتلقى منهم الاستفسارات الأكاديمية التي تتعلق بالبحث والدراسات العلمية، وأجيب عليها. هل هناك قصة أو حالة غريبة اكتشفتها عبر أسئلة البريد الإلكتروني؟ كثيرة، ولا تحضرني حالة معينة بذاتها، ولكن منها ما كانت حالته تحتاج لقسطرة عاجلة، ومنها ما اتصلت به، وطلبت دخوله للمستشفى على وجه السرعة في المدينة التي يعيش فيها، ومنها ما ليس له علاقه بالطب نهائيا مثل حاجات الدنيا المتعددة التي لا تنقضي.