اتهم وكيل كلية العلوم والآداب بجامعة نجران الدكتور زهير العمري النص الروائي باكتفائه برصد مشاهد انهيار المثل والقيم واستباحة فروض اجتماعية وأخلاقية، والتعريض لقضايا سياسية دون وعي بالبعد لكل قيمة من القيم السابقة، وكل ذلك من شأنه أن يحول سياق الكتابة الروائية إلى الإثارة والشهرة فقط. ويضيف العمري في حديثه ل"الوطن" أمس حول النص الروائي أن أزمة النص الروائي تكمن في سيطرة ذهنية معينة لم يخرج عنها كتّاب الرواية، وللأسف هم لا يعلمون أن المعنى ليس هبة من المؤلف دون تكامل عناصر أخرى، فلا يقوم المعنى إلا بتضافر هذه العناصر؛ فكل كاتب يختار الزاوية التي يخرج من خلالها الحياة، ويعيد صياغتها في نصوصه، ومع ذلك أطرح عدة تساؤلات مختلفة. هل ما يكتبه الروائي تسجيلا للواقع أو معالجة له؟! ولماذا لا يوجد لدينا رواية عالمية تعكس واقع الإنسان العربي والحياة معا؟ وسؤال ثالث: لماذا لم يستطع الروائي أن يحول الترميز إلى واقع بدلا من تحويل الواقع إلى رمز؟! ويشدد العمري أنه من الخطأ أن يرى البعض بأن الرواية لا تكون جميلة إلا عندما تنتهك منظومة القيم الاجتماعية الموروثة، وترسخ لقيم تُعنى باستباحة الممنوع، كما إن تخفي كاتب القصة القصيرة جدا خلف الكناية والتشبيه والاستعارة هو نوع من التخلص من عبء الوقائع التي تفسر الحدث بالمثال، لا من خلال الفعل ومنتج الفعل. فتصوير هوامش الفعل والسلوك، وإبرازها على أنها مكونات رئيسة في البنى النصية، يكشف لنا أننا تائهون حول الفواصل المنهارة بين الشعور والتفكير. ويؤكد العمري أننا بحاجة إلى مغامرة جريئة من كتاب الرواية في نصوصهم، وذلك بأن يدفعوا القارئ ليفكر ويتأمل ويطرح أسئلة المستقبل، ويستنتج وفق تصوراته، فكل ما يرويه الكتّاب في نصوصهم هو حقيقة تمثلهم لوحدهم، ويبقى القارئ من حقه أن يقول ويتخيل ويستنتج خارج النص كما يشاء وفق روابط فنية وموضوعية ذات علاقة بالنص. وللأسف فإن الاقتصاد اللغوي (الإيجاز) الذي لا يتناسب مع جنس الرواية، غدا ظاهرة واضحة لدى كثير من كتاب الرواية المعاصرين، لصالح التصوير ونقل مشاهد الحياة اليومية، لذلك خلت الروايات المعاصرة من تشعب الأسئلة، والاستقصاء، و الحوار، وزادت مساحة الهوامش في الأفكار والأفعال والسلوك. فكثير من كتاب الرواية الشباب والذين ازدحمت أرفف المكتبات بإصدارتهم لا يعرفون ما يكتبون! وكيف يكتبون؟! ولمن يكتبون؟! ولماذا يكتبون؟! بل إن كثيرا منهم عندما تتعدد الرؤى والأفكار لديه يصطدم بحاجز اللغة والصياغة والتعبير؛ والنتيجة أنه لا يستطيع حينها أن يكتب نصاً تظهر فيه فروق لغوية أو ثقافية أو حضارية جديدة.