ازدحم العالم الافتراضي –خاصة - بالهجوم الشديد على وزير الصحة السابق الدكتور عبدالله الربيعة، ولم يسلم حتى الوزير الجديد عادل فقيه من الهجوم الاستباقي، في حال من الجحود والنكران لتاريخ الأول الذي رفع اسم المملكة عالميا في مجال جراحة فصل السياميين، وبذل جهده ما استطاع في إصلاح وزارة متخمة بالمسؤوليات، ومتراكمة بالعلل، كل ذلك على خلفية هذا الفيروس اللعين "كورونا" الذي ظهر فجأة، لا على النطاق المحلي فحسب، بل على شعوب العالم. ثم ثنى المهاجمون بالوزير الجديد حتى قبل أن يفتح غلاف الوزارة الصعبة، ليقرأ كتابها المتخم، ويرى فيه ما يهتدي إليه من رؤى لإصلاح حالها، رغم أن الرجل بوطنية مشهودة قبل بالمهمة العسيرة وعاد من فوره إلى الوطن، قاطعا إجازته ليواجه حالة الذعر التي سادت البلاد من خطر هذا الفيروس، لكنهم حكموا عليه بالفشل مسبقا دون أن يعطوه الفرصة للقيام بالمهمة الصعبة في مناخ من الهدوء والثقة، على مرجعية تاريخه الوظيفي الذي حقق فيه نجاحات لا يمكن أن يغفل عنها كل ذي لب لم يعكره الهوى، فالنجاحات التي حققها في وزارة العمل خاصة، وما أسفرت عنه في تطهير الوطن – إلى حد كبير– من عشوائية سوق العمل لا يمكن أن تنكرها العين، إلا من أضيروا بسبب هذه الحملة التي جردها على الاتجار بالبشر، والتكسب من العمالة السائبة التي توصد الأبواب أمام توطين الوظائف، وربما كان هؤلاء المتضررون من قرارات وزير العمل الذي أضيفت إليه وزارة الصحة، هم من وجدوا الفرصة للهجوم عليه في مهمته الجديدة، فصاحب المصلحة الخاصة، وخاصة إذا كانت على حساب النظام العام ومصلحة الوطن، لا يهمه سوى مصلحته، ولا يتورع عن أن يقذف كل من يهدده بأحجار الزيف لعله يفت في عزم من وقف في وجهه لحماية الوطن وأبنائه ومصالحهم. ويعلم الله أنني لا مصلحة لي مع أي من الوزيرين، لكنني ككل مواطن يحب هذا الوطن ويخلص له الرأي والعمل، أناشد كل من أسهم في هذه الهجمة الشرسة أن يمتثل لآداب ديننا الإسلامي الحنيف وأعرافنا الأصيلة، وألا "يطير في العجة"، متناسيا الفضل لمن خدم هذا الوطن، ومحبطا لجهود المخلصين له، العاملين على تحقيق مصلحته العليا، ونصحي وعتبي على من يتناقل – عبر وسائل التواصل – هذه الإساءات، ناسيا قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ..) الآية، وما جاء في الحديث الشريف أن الإنسان ليقول الكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا، أو كما قال رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، وهل ما تتناوله الرسائل في وسائل الاتصالات إلا ضربا مما نُهي عنه؟! وأهيب بالإخوة والأخوات ألا يستهينوا بتثبيط عزائم الآخرين، وذكر معايبهم، ولينظر الإنسان في نفسه فيجد فيها ما يردعه عن عيب الآخرين. وألا ينسوا أن من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر الاجتهاد، وهذا ما ينطبق على حال الدكتور الربيعة، وأن الحكم المسبق على المسؤول بالفشل ظلم بيّن وافتراء، وهذا ما ينطبق على حال وزير الصحة الجديد.. أعطوه الفرصة كي يعمل في مناخ يعينه على المهمة الأصعب المضافة إلى مهمته الصعبة في وزارة العمل.