تحت أشعة الشمس الحارقة تجلس سيدات على قارعة طريق قربان بالمدينةالمنورة، ويطلق عليهن بالعامية "البساطات" حيث يبعن البيض البلدي وبعض أنواع المشغولات اليدوية المصنوعة في غالبيتها من سعف النخيل مثل المراوح اليدوية وغيرها، وقد مضى على بعضهن قرابة ربع قرن في الموقع. وطالب عدد من المواطنين بالمحافظة على تلك المهن التراثية والتي تعتبر من تراث المدينة القديم. تقول البائعة أم سلمان إنها ظلت في هذا الموقع 25 عاما تبيع بعض المنسوجات اليدوية والبيض البلدي والسمن، إلا أنها تصف الإقبال اليوم بالضعيف مقارنة بالماضي حيث لم يعد مثل السابق، وربما يكون ذلك لضعف الموارد المالية لدى المستهلكين. وتشير أم سلمان إلى أنها تعودت أن تتحمل حرارة الشمس وكذلك لهيب الأرض من أجل أولادها لتصرف عليهم من عرق جبينها حتى يكبروا بعد وفاة والدهم منذ سنوات. وتشاركها في البيع صديقتها بالحارة والبسطة أم محمد والتي تقول إن الحياة تحتاج إلى تعب لتجد لها معنى مشيرة إلى أنهن تعودن أن يبعن لأكثر من عشر ساعات في اليوم. وبينت أم محمد أنه في السنوات الماضية كان المكسب كثيرا ووفيرا، واليوم أصبح يعادل المصروف اليومي فقط، مشيرة إلى قلة المستهلكين حتى من المعتمرين والزوار. وقالت البساطة أم سلطان إنها كانت تبيع بالخان قبل هدمه، وإنها تضع بعض الأغطية فقط لتخفيف حدة الحرارة على بضاعتها مشيرة إلى أنه لم يصل بيعها منذ دخول رمضان 500 ريال وهي راضية بالكسب الحلال وأن الرزق من عند رب العباد. وتضيف أم سلطان أنها فقط تأتي إلى هذا المكان منذ 20 عاما حيث تعودت على الاستيقاظ مبكرا وقد أعطاها ذلك نشاطا كبيرا كي تواصل عملية البيع. وقالت أم سعد إن العشق بينها وبين بسطتها امتد إلى عشرات السنين، وتقول: لن أتخلى عنها حتى آخر العمر مشيرة إلى أنها تعودت أن تعطي أحفادها وأولادها دروسا في الحياة حيث تصحب بين فترة وأخرى أحدهم ليشاهد كيف صبرنا وجلدنا في الحياة، وأنه يجب أن يعمل ويتعب حتى يجد الريال بالطرق التي أحلها الله. وأضافت أم سعد أنها تعمل في البسطة خلال شهر رمضان من بعد العصر حتى منتصف الليل، وقبل رمضان تعمل على فترين صباحية ومسائية مؤكدة أن العمل الشريف هو أساس الحياة لمن أراد الكسب. واتفق كل من المواطن حسن الزهراني ونايف العنزي ومحمد الجابري على أن منظر هولاء البائعات يحتاج إلى حلول مثل إنشاء أكشاك صغيرة بشكل مميز بحيث تعطي منظرا جماليا للشارع، وفي نفس الوقت الإبقاء على تلك البسطات التراثية والتي أصبحت من تراث المدينة على مدى سنوات طويلة وصاحبات تلك البسطات في نفس الموقع.