تمر بالمملكة العربية السعودية اليوم مناسبة غالية على قلوب أبنائها، وهي الذكرى التاسعة لتولي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - مقاليد الحكم في البلاد في ظل تطورات متسارعة على كافة الأصعدة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والرياضية، حتى إن ما حققته المملكة وشعبها من قفزات في تسع سنوات - هي ثمرة هذا العهد الزاهر - تكاد أن تكون ترجمة وتجسيداً لمجمل الخطوات خطتها المملكة منذ خمسين عاماً، حتى اصطبغت في الذهن صورة القائد في رحاب وطن. استطاع الملك عبدالله بن عبدالعزيز بحنكته وتجاربه المصقولة أن يصنع تاريخاً وطنياً مميزاً، وكان لشخصيته المميزة دور مهم في هذه المسيرة التي جسّد خلالها معنى الإنسانية بكل دلالاتها النبيلة، من خلال المبادرات والمشروعات التي تبناها عبر مسيرة الإصلاح التي يؤكد عليها والتنمية التي تزامن مع ما سمي ب"الطفرة الثانية"، حيث حصلت في عهده قفزات وإنجازات يفخر بها المواطن والوطن. أشياء مذهلة حصلت ولم نكن نتوقعها، بدءاً من التوسعة التاريخية للحرمين الشريفين وليس الأمر انتهاء بإنشاء 28 جامعة حكومية، بالإضافة إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي يعد حتى الآن أهم مشروع تعليمي ضخم تشهده المملكة العربية السعودية. يدرك خادم الحرمين الشريفين أننا نعيش اليوم في عالم لا مكان فيه للضعف والجهل والانغلاق؛ ولذلك هو يضعنا على المسار الصحيح من مسيرة بناء الإنسان وتنمية الوطن، وما يبقى هو مسؤوليتنا تجاه المجتمع والوطن، ففي كل مناسبة يؤكد خادم الحرمين الشريفين على أن الحكومة في خدمة الشعب ويؤكد على الوزراء أنهم ما وضعوا في هذا المكان إلا لخدمة المواطنين، ولهذا فإن التاريخ كفيل بحفظ المواقف المميزة والمشرّفة التي لن تبقى فقط في ذاكرة كل إنسان سعودي، بل في ذاكرة كل إنسان يدرك أهمية تحقيق القيم الإنسانية السامية المتمثلة بالتسامح والسلام، ومن هذا المنطلق يتمتع الملك عبدالله بن عبدالعزيز بشخصية فريدة ذات كاريزما خاصة تتسم بالصراحة والوضوح والإنسانية العالية، ولهذا أصبحت له مكانة خاصة في قلوب المواطنين في ظل ما يتمتع به من شجاعة وقوة في اتخاذ القرار، احترمه العالم وأحبه الكبار والصغار. وتتزامن هذه المناسبة، وهي مرور تسعة أعوام على ذكرى البيعة، مع مناسبات عدة تم فيها اختيار الملك عبدالله بن عبدالعزيز أبرز الشخصيات المؤثرة في العالم، ومن خلال هذا الأمر اكتسبت المملكة العربية السعودية أهمية وتركيزاً عالمياً إعلامياً وكانت القرارات التي صدرت محط اهتمام أيضاً، ومن أهمها دخول المرأة السعودية معترك الحياة السياسية من خلال اختيارها في مجلس الشورى ومنحها الحق في الترشح والتصويت في الانتخابات البلدية القادمة. إن ما قدمه الملك عبدالله بن عبدالعزيز لشعبه هو نتيجة قناعة عميقة لديه بأنه مسؤول وراع لمصالح الشعب السعودي، الأمر الذي أكده غير مرة على مدى السنوات التسع الماضية، ومن يتأمل هذه السيرة العطرة يدرك أنها تأسيس لأسلوب حياة جديد للمواطن السعودي تتعلق بمستقبل وطن، ومستقبل الإنسان على أرض هذا الوطن، وربما نحن كمواطنين لن ندرك مدى عمق هذه الرؤية التي تجلت خلال المسيرة إلا بعد أجيال قادمة تعيش ما أسس لها من مشاريع ونظم تتوازى مع رعاية الإنسان وحقوقه المختلفة. ومن مميزات هذه المرحلة، الشفافية وشمولية الطرح في ظل التقدم التقني لوسائل الإعلام والاتصال، حيث يستطيع المواطن أن يعبّر عن وجهة نظره في الخدمات الحكومية المقدمة له، وهذا ما يفترض أن يلفت نظر المسؤول إلى ضرورة التقويم وتقديم المزيد ليرتقي إلى طموحات الوطن والمواطن. ولذا تميزت فترة حكم خادم الحرمين الشريفين بكونها مرحلة بناء جديدة تم خلالها بلورة عدد من الرؤى والنظم والمشاريع الجديدة، التي قد لا يرى المواطن نتائجها السريعة، ولكنه سوف يدرك مدى أهميتها ونتائجها في المستقبل، حيث إنها "صناعة للمستقبل"، وليس الأمر خاصاً بالجانب الاجتماعي والتعليمي بل يتعداه إلى السياسات العامة؛ ولهذا اتجهت أنظار العالم دوماً إلى هذه البقعة من العالم.