رسالة عزاء إلى كل من فقد عزيزا عليه، إلى كل مهموم ومغموم، وكل مصاب بمصيبة ومكروب، وكل مؤمن مبتلى، إلى من فقد أبا أو أما أو حبيبا أو صديقا، إلى من فقد ابنا أو أخا أو أختا.. عسى أن تجبر كسر المنكسر وتقوي عزائمه وترفع معنوياته.. إن الله قد كتب علينا الزوال قبل أن نخلق فلا يبقى بشر ولا حيوان ولا جبل ولا تبقى سماء ولا أرض.. كلنا زائلون.. كلنا كتب علينا الفناء، (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، إن كل شيء قد قدر وهذا ما نعتقده ونؤمن به (إنا كل شيء خلقناه بقدر). إن أعظم مصيبة هي موت النبي، صلى الله عليه وسلم، فبموته انقطع الوحي من السماء وانقطعت النبوات وظهر الفساد في الأرض، فكل مصيبة دون مصيبتنا به تهون، وفي ذكر مصيبتنا به تسلية لنا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة، فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي". أيها المصاب.. يا من فقدت أباك أو ابنك.. يا من فقدت حبيبك.. يا من فقدت صديقك.. فتألمت وبكيت، ثم ازداد ألمك وبكاؤك وزادت لوعتك بتذكر عونه ومساعدته وعطفه وبه وصلته، اعلم... والله الذي لا إله إلا هو كل ذلك لن يبلغ ما قدمه لك النبي، صلى الله عليه وسلم، من هدي ونور يدخلك بإذن الله جنة عرضها السماوات والأرض لتخلد وتنعم. أيها المصاب.. يا من أصابته مصيبة وألمت به ملمة تذكر.. أنه لا يوجد إنسان إلا وقد أصيب بمصيبة ولك أن تعد وجبة غداء وتدعو إليها كل من لم يصب بمصيبة.. فهل ستجد أحدا يلبي دعوتك..؟؟ لا والله. كلنا مصابون وكل منا قد فقد غاليا، ولكن لا يتوقف سير الحياة لموت أحد، ولا يجف نبع الماء لأجله ولا تمطر السماء ولا تنشق الأرض له. فهذه هي الحياة، مصاب ومكروب، وفاقد ومفقود، وما الحزن والبكاء وشق الجيوب، يرفع مصيبة ولا يعيد مفقود، فلو كان كذلك لبكينا على صاحب النور والهدى عليه الصلاة والسلام، ولبكينا على أبي بكر وعمر وعلى خالد والمعتصم، ولكن لا يزيد البكاء والحزن إلا سقما وهما وغما. فلا تكن حفنة تراب تأخذها الريح إلى حيث تشاء، وكن كالجبل الثابت القوي لا تهزه الريح عند الشدائد والمصائب، فلتكن قاعدتك كل الأمر خير من خلال معرفتك بأن الله لم يكتب لك إلا كل خيرا، وخاصة عندما تعلم يقينا وتثق بقول نبيك محمد، صلى الله عليه وسلم، عجباً أن أمر المؤمن كله خير فانتظروا وسترون ذلك الخير وراء تلك المحن التي هي منح.. ثقوا تفاءلوا وبشروا وسترون العجاب من الخير والسعادة، بحول الله وقوته.